اليوم تيفي
في كلمة بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري فرصةٌ لناً جميعا لكي نجدّد وعدنا بإنهاء العنصرية، والتمييز العنصري، وكراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب ومعاداة للسامية وكراهية للمسلمين. وقد كانت المذبحة الأخيرة التي وقعت في مسجدين من مساجد نيوزيلندا آخر فصول المأساة التي تستمد قوتها من هذه السموم.
وليس أي بلد أو مجتمع بمنأى عن الكراهية العنصرية والدينية أو الإرهاب الذي يبثه المتعصبون. إنني أشعر بجزع شديد إزاء ما نشهده اليوم من ارتفاع في معدلات كراهية الأجانب والعنصرية والتعصب. ولقد نفَذ خطاب الكراهية إلى التيار الغالِب وتفشى كالنار في الهشيم عبر وسائط التواصل الاجتماعي والإذاعة. وهو ينتشر في الديمقراطيات الليبرالية والأنظمة الاستبدادية على حدّ سواء.
وتهدد قوى الظلام هذه القيَم الديمقراطية والاستقرار الاجتماعي والسلام. فعندما يتعرض الناس للاعتداء البدني أو اللفظي أو يهاجَمون على وسائط التواصل الاجتماعي بسبب عرقهم أو ديانتهم أو أصلهم الإثني، يصاب المجتمع كلّه في كرامته. ولذلك يجب أن نتكاتف جميعاً وأن نقف كالبنيان المرصوص مدافعين عن مبادئ المساواة والكرامة الإنسانية.
ولا بد لنا جميعاً أن نزيد من جهودنا المبذولة من أجل رأب الصدع والشقاق اللذين أصبحا داءَ مجتمعاتنا اليوم. ويجب أن نعزز التفاهم المتبادل وأن نستثمر في نجاح التنوع. ولا بد كذلك أن نتصدى للشخصيات السياسية التي تستغل الخلافاتِ لتحقيق مكاسب انتخابية وأن نواجهها بالرفض.
ولا بد لنا أيضاً أن نتساءل عما يزرع في نفوس هذا العدد الكبير من الناس الإحساسَ بأنهم مستبعدون، ويغريهم باتباع خطاب التعصب ضد الآخر. ونحن بحاجة إلى إشراك الجميع في تفكيك ذلك المفهوم الخبيث والزائف المتمثل في التفوق العرقي. فحتى في يومنا هذا، وقد مضت عقود على ما ابتدعه النازيون من أشباه علوم أدت إلى وقوع محرقة اليهود، يشهد العالم استمراراً لفكرِ النازية الجديدة وتفوق العرق الأبيض، بل وطفرة فيه. لا بد إذن أن نئِد هذه الأكاذيب حتى تذهب بلا رجعة.
فلْنعقِد العزم، اليوم، على مكافحة العنصرية والتمييز أينما كانا. ولنُعمِل الفكر فيما يمكننا عمله لتعزيز عدم التمييز في جميع البلدان وعلى جميع المستويات. إن حلقةَ الوصل بيننا جميعاً هي إنسانيتنا. ونحن جميعاً متساوون. وينبغي لنا جميعاً أن نحرص على ما فيه خير بعضنا البعض.