السيدة الوزيرة الكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج ؛
السيد المندوب السامي للتخطيط ؛
السيد المدير بالنيابة لمكتب منظمة العمل الدولية لبلدان المغرب ؛
السيدة ممثلة الوكالة الايطالية للتعاون الانمائي ؛
السيدات والسادة ممثلي المنظمات المهنية ؛
السيدات والسادة الخبراء ؛
الضيوف الكرام ؛
السيدات والسادة ؛
إنه لمن دواعي اعتزازي وغامر سعادتي أن افتتح هذا اليوم أشغال ورشة العمل شبه إقليمية لمشروع “أمام”، المتعلق ببيانات هجرة اليد العاملة في بلدان المغرب الكبير : الحالة الراهنة والتطوير والمشاركة. و أغتنم هذه المناسبة لأعبر لكم جميعا عن خالص تشكراتي، وعميق امتناني على تلبيتكم دعوة المشاركة، ولأرحب بكم مجددا وبضيوفنا الكرام في بلدهم الثاني، متمنيا أن يتوج هذا اللقاء بفضل خبرتكم وتجربتكم ومساهماتكم ببلورة تصورات مشتركة لتعزيز قدرات الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية للبلدان المستهدفة ( ليبيا والمغرب وموريتانيا وتونس) من أجل إرساء حكامة جيدة في مجال تدبير السياسات والبرامج المتعلقة بهجرة اليد العاملة ،وضمان استمرارية حماية حقوق المهاجرين، عبر تحسين نظم معلومات هجرة اليد العاملة وتعزيز الحوار بشأنها. وكذا تحسين تماسك المقاربة المعتمدة بين خدمات الوساطة العامة والخاصة وخدمات الحماية الاجتماعية
السيدات والسادة ؛
لا شك أن ظاهرة الهجرة وما تنطوي عليه من تعقيدات سواء اكتست شكلا قانونيا أو غير قانوني، أضحت في السنوات الأخيرة، تطرح إشكالات وتحديات متعددة على مستوى تدبيرها ومعالجتها ليس فقط على صعيد الدول المصدرة أو المستقبلة لها، بل كذلك على الدول التي تعتبر دول عبور بحكم موقعها الجغرافي، والتي تحولت في كثير من الحالات، وبحكم الأمر الواقع ،إلى بلدان استقرار للمهاجرين السريين العابرين في الأصل، ومن ثم إلى بلدان مستقبلة للهجرة، مما يستدعي رؤية شاملة تستوعب هذه الأوضاع الطارئة وفق رؤية تشاركية على المستوى الدولي والإقليمي، تعنى بدول العبور كجزء أساسي من معادلات التنمية والهجرة.
فالهجرة من أهم الظواهر الحديثة ارتباطا بالمسارات التنموية للدولة في إفريقيا عامة وفي منطقتنا المغاربية خاصة، سواء من حيث التأثيرات المختلفة لها علي اقتصاديات بلداننا، وانعكاساتها سلبا وإيجابا على مجتمعاتها، أو من حيث الواقع المستجد الذي أفرزته الظاهرة
فقد تزايدت الحاجة إلي التنسيق والتعاون بين دول القارة، اعتبارا لكونها دولا مصدرة للهجرة بشكل عام، مع ما يعنيه ذلك من مواجهتها جميعا للتداعيات التي أفرزتها ظاهرة الهجرة الحديثة، وخضوعها مجتمعة لآثارها على تركيبتها الديمغرافية، وأمنها الاجتماعي، واقتصادياتها النامية.
وإذا كان السعي إلي توحيد مواقف الدول الإفريقية علي الصعيد الدولي في مجال القواعد العامة للهجرة، واعتماد سياسات مشتركة بينها في هذا المجال ضرورة ملحة، فإن التعاون جنوب – جنوب ،يظل أكثر جوانب الموضوع إلحاحا، وذلك بالنظر إلي موقع منطقة شمال إفريقيا المطلة علي البحر الأبيض المتوسط أساسا كمحطة عبور لحركة الهجرة الإفريقية نحو أوروبا، مما يضع عليها – في غياب استراتيجية إفريقية موحدة – أعباء كبيرة في التعامل مع الهجرة غير القانونية علي وجه التحديد، والتي تمثل دول إفريقيا جنوب الصحراء أهم مصادرها، إلى جانب دول العبور نفسها كذلك.
حضرات السيدات والسادة ؛
إن المملكة المغربية، ووعيا منها بأهمية القضايا المرتبطة بالهجرة في بعديها القانوني والإنساني، بادرت مند سنة 2013، عملا بالتوجيهات الملكية السامية في هذا الصدد، إلى إقرار سياسة جديدة للهجرة واللجوء تنبني على الالتزامات الدولية للمملكة المغربية، كما تعتمد مقاربة إنسانية ومسؤولة قائمة على التعاون والشراكات المتجددة مع جميع الأطراف الوطنية والدولية المعنية، حيث تم اتخاذ تدابير إدارية تتعلق بتسوية وضعية المهاجرين الغير النظاميين وطالبي اللجوء، والبالغ عددهم اكثر من 50.000، وكذا العمل على تحيين الإطار القانوني والمؤسساتي المتعلق بالهجرة واللجوء ومحاربة الاتجار بالبشر، مع استحضار المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، واتفاقيات العمل الدولية، وكذا الممارسات الفضلى للدول
كما أن الحكومة اعتمدت في سنة 2014، استراتيجية وطنية للهجرة واللجوء تروم إدماج المهاجرين وأفراد عائلاتهم وتهم العديد من المجالات من قبيل التكوين والتعليم، والشغل، والتربية، والصحة، والسكن، والثقافة…، وذلك من خلال مقاربة تشاركية مع مختلف المتدخلين في هذا الملف
وتهدف هذه البرامج إلى تحقيق اندماج ناجح للمهاجرين واللاجئين بالمغرب، وذلك بتنسيق مع مختلف القطاعات والمؤسسات العمومية المعنية بقضايا الهجرة
كما أن التعاون جنوب جنوب، بكافة أبعاده، ركيزة أساسية في السياسة الخارجية المغربية، ويتجلى هذا من خلال الرؤية التي أعرب عنها جلالة الملك محمد السادس في الدورة الثلاثين لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي الذي انعقد في أديس أبابا خلال شهر يناير 2018 بشأن الأجندة الإفريقية حول الهجرة، والذي دعا إلى خلق بيئة مواتية للحركية سوسيو–اقتصادية، والعمل على تحقيق المساواة في الولوج لسوق الشغل بالنسبة للعمال المهاجرين من أجل ضمان العمل اللائق، واقترح جلالته في ذات السياق، إﻧﺸﺎء ﻣﺮﺻﺪ إﻓﺮﻳﻘﻲ ﻟﻠﻬﺠﺮة ﻳﺴﺘﻨﺪ ﻋﻤﻠﻪ إﻟﻰ المرتكزات الثلاثة “اﻟﻔﻬﻢ واﻟﺘﻮﻗﻊ واﻟعمل”. حيث ستتمثل مهمته في تطوير المراقبة وتبادل المعلومات بين البلدان الأفريقية، من أجل تعزيز التدبير المدروس لتدفقات الهجرة
وبالنسبة لوزارة الشغل والادماج المهني، عملت في إطار التزامها بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، على اتخاذ الإجراءات الضرورية لمساعدة المهاجرين الذين تمت تسوية وضعيتهم، بهدف إدماجهم في سوق الشغل، من خلال تسجيل طالبي العمل منهم في مصالح التشغيل، وتنظيم ورشات حول التشغيل والادماج لفائدتهم، ووضع آليات تحفيزية للعمل المأجور والتشغيل الذاتي، وخلق المقاولات كما تمت تعبئة مفتشي الشغل في إطار النهوض بظروف عمل الأجراء الأجانب علىى مستوى المديريات الجهوية والاقليمية للتشغيل التابعة للوزارة، وذلك لتحسيس المشغلين بالالتزام بعدم التمييز في الشغل والتشغيل اتجاه المهاجرين انطلاقا من مبادئ الاتفاقيات الدولية المصادق عليها، وأحكام الدستور والقوانين الوطنية
وفي هذا الإطار تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات الرامية إلى تيسير ولوج المهاجرين في وضعية قانونية إلى سوق الشغل، وذلك من خلال
– فتح العرض الخدماتي للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات لصالح هذه الفئة وتجربته على مستوى 11 وكالة محلية ؛
– تمكين هذه الفئة من الاستفادة من مبادرات وبرامج إنعاش التشغيل
وقد بلغ عدد المسجلين بقاعدة بيانات الوكالة منذ انطلاق هذه العملية نهاية 2015 إلى حدود نهاية 2018، ما مجموعه 2426 باحث عن الشغل منها مقابلات التموقع 786
-ورشات البحث عن العمل 945
-المدمجون في سوق الشغل 72
– المستفيدون من المواكبة لإنشاء مقاولة 32
كما تم العمل على تبسيط مسطرة التأشير على عقود عمل المهاجرين الذين تمت تسوية وضعيتهم الإدارية برسم سنتي 2014 و2016 من خلال إعفاء الجهات المشغلة (شركات، جمعيات وأشخاص ذاتيين) من الإدلاء بشهادة النشاط المسلمة من قبل الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات
كما أنه تم التأشيرإلى حدود نونبر 2019 على 437 عقد
لكن، وبالرغم من الإنجازات المحرزة على المستوى القانوني والمؤسساتي، والمتعلقة بالنهوض بأوضاع المهاجرين وإدماجهم في المجتمع، وتمتيعهم بحقوقهم، إلا أن التحديات والنقائص والإكراهات لا زالت موجودة ،والرهان قائم على كافة القطاعات والفعاليات، وكذا المجتمع المدني بكافة مكوناته باعتباره شريكا أساسيا لتحقيق الأهداف المرجوة
حضرات السيدات والسادة ؛
إن المحور الرئيسي في أشغال هذه الورشة يتمثل في طرح الجوانب المتعلقة بالبيانات والإحصائيات ذات الصلة بالهجرة الدولية لليد العاملة، فكما تعلمون وباعتباركم خبراء في هذا المجال، فإن البيانات والإحصائيات، أدوات لا محيد عنها للتمكن من بلورة سياسات حقيقية للهجرة، قائمة على الرصد العلمي والتحليل الموضوعي، وتنفيذ تلك السياسات بناء على نتائج البحوث المعززة بالحقائق والارقام ذات الصلة بإشكاليات الهجرة. فحاليا، ويجب الإقرار بذلك، هناك نقص في البيانات الكافية عن اتجاهات الهجرة وخصائصها، وتعقيداتها في القارة الافريقية بشكل عام والمنطقة المغاربية بشكل خاص لذا أصبح من اللازم على بلداننا الاستفادة من التكنولوجيا الحالية للاستثمار في النظم الإحصائية الوطنية والإقليمية، لتعزيز جمع البيانات وتبادلها، كما يجب وضع المنصات المناسبة لتبادل المعلومات بيننا، وتبني بيانات وأبحاث دقيقة وموثوقة من أجل صنع سياسات مستدامة، من خلال اشراك الأوساط الأكاديمية من قبل الدول الأعضاء، والمجموعات الإقصائية الإقليمية في التخطيط لأنشطة البحوث المتعلقة بالهجرة
وقد شكلت حرية الحركة للأشخاص عبر القارة الإفريقية عامة والمنطقة المغاربية خاصة بمثابة تطلعات للدول المغاربية، حيث تعتبر وسيلة لتحقيق تكامل إقليمي أكبر وأشمل، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للقارة، حيث من شأن ذلك تعزيز التبادل التجاري وإنعاش السياحة ونقل المعرفة والمهارات داخل البلدان الإفريقية وكذا تعزيز الهوية الإفريقية والاندماج الاجتماعي
حضرات السيدات والسادة ؛
في الختام لا بد من توجيه الشكر الخالص لكل من شارك في تنظيم هذه الورشة الهامة، ووفر لها سبل النجاح، كما لا يفوتني التأكيد على أهمية هذا اللقاء والآمال المعقودة عليه، باعتباره فرصة لنا جميعا لتوحيد الرؤى، واقتسام التجارب، واستشراف المستقبل، كمساهمة في سبيل تأهيل دور جميع المؤسسات والهيئات في الدول المعنية، وكافة الفاعليين الاقتصاديين والاجتماعيين المعنيين بشؤون الهجرة، في مجال إدماج المهاجرين في النسيج الاقتصادي والاجتماعي، بشكل يصون حقوقهم ويضمن كرامتهم