نظم منتدى الكرامة لحقوق الإنسان
بالمكتبة الوطنية بالرباط نظم منتدى الكرامة لحقوق الإنسان
وبمشاركة :
– الأستاذ عبد اللطيف الحاتمي : محام بهيئة الدار البيضاء
– الأستاذ محمد جلال أمهمول : محام وأستاذ القانون الجنائي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء
– الأستاذ محمد احداف : محام وعضو الائتلاف المغربي لمناهضة عقوبة الإعدام
أهم ماجاء في أرضية الندوة التي تلاها رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان الدكتور عبد العلي حامي الدين
يعد موضوع ”عقوبة الإعدام بين الإبقاء والإلغاء” من المواضيع الإشكالية الكبرى المطروحة على
طاولة الحوار بين الحقوقيين ورجالات القانون في العالم، وقد سبق لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان أن نظم
ندوة علمية مهمة في مدينة الدار البيضاء لمناقشة هذا الموضوع، استهدف من ورائها إثارة الانتباه إلى
ضرورة فتح نقاش وطني معمق حول هذه الإشكالية، وخرج فيها بمجموعة من الخالصات في هذا
الموضوع
اليوم، وِفي إطار استعداد المنتدى لتنظيم مؤتمره الوطني القادم، نعيد فتح النقاش من جديد حول هذه
الإشكالية، قصد بلورة وجهة نظر أكثر عملية وأكثر قابلية للتطبيق، خصوصا بعد اعتماد بلدنا للخطة
الوطنية للديموقراطية وحقوق الإنسان التي دعت إلى مواصلة الحوار والنقاش أمام المختصين حول عقوبة
الإعدام
ولهذا الغرض نهدف إلى تعميق النقاش حول آراء وحجج مختلف الاتجاهات والمواقف من عقوبة
الإعدام بالمغرب، وتعميق النظر القانوني في كيفية التعامل مع هذه العقوبة
إن هذه العقوبة التي عرفتها البشرية منذ الأزل وأقرتها الديانات الثالث وتبنتها التشريعات المعاصرة،
يتداخل فيها البعد الحقوقي بالبعد القانوني بمدارسه المختلفة، بالإضافة إلى البعد الديني وتأثيره في صياغة
نظام الجرائم والعقوبات في مختلف الحضارات والثقافات، غير أن هذه العقوبة أصبحت اليوم محل خالف
عالمي تعيشه العديد من الدول بما فيها المغرب، حيث تتجاذبها ثالث اتجاهات تتراوح بين المؤيدين
والمناهضين والداعين للتقليص من استخدامها، ويمكن تصنيف هذه الدول إلى ثلاث أصناف :
– دول تبنت الإلغاء الكلي لعقوبة الإعدام 89 دولة
– دول أبقت على عقوبة الإعدام مع التنفيذ 75 دولة
– دول أبقت على عقوبة الإعدام مع وقف التنفيذ مثل حالة المغرب 63 دولة
وينص القانون المغربي على عقوبة الإعدام بالنسبة لعدة جرائم، سواء في القانون الجنائي أو في قانون
العدل العسكري، وعموما تؤطر عقوبة الإعدام في القانون المغربي مجموعة من الضوابط والمعايير التي
تحكمه، إذ إلى يحكم بالإعدام وال بالسجن المؤبد على القاصرين دون سن 89 سنة، وال يمكن تنفيذ عقوبة
الإعدام إلى بعد رفض طلب العفو، كما إلى يمكن تنفيذ عقوبة الإعدام في حق المرأة الحامل إلا بعد سنتين
من وضع حملها
كما أن المغرب لم ينفذ عقوبة الإعدام منذ سنة 8886 ،وهي عقوبة إلى يصدرها القضاء المغربـي
– على العموم – إلا من أجل جرائم القتل والجرائم الإرهابية المقترنة بالدم. كما تجدر الإشارة إلى أن العفو
الملكي في حق المحكوم عليهم بالإعدام عمل على تحويل هذه العقوبة إلى السجن المحدد لفائدة أزيد من
270
محكوما عليه منذ سنة 1999 إلى غاية سنة
2018
وفي هذا السياق، وفي إطار مراجعة القانون الجنائي ينتظر أن يتم تقليص عقوبة الإعدام في عدد مهم
من الجرائم، واقتصار هذه العقوبة فقط على الجرائم الخطيرة والبشعة، كما يرتقب أن يتضمن مشروع تعديل
قانون المسطرة الجنائية العديد من المقتضيات التي ترمي إلى تقليص النطق بهذه العقوبة.
ويرتبط النقاش الدائر حول عقوبة الإعدام بمفهوم أساسي من مفاهيم حقوق الإنسان، وهو الحق في
الحياة. كما يستنتج من قراءة العديد من الاتفاقيات الدولية أن هناك اتجاه لتقييد عقوبة الإعدام ووضع
ضوابط وشروط على تطبيقها
وفي هذا الاتجاه، ووعيا من المنتظم الدولي باختلاف ممارسات الدول تجاه عقوبة الإعدام، فإن
القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيما في المادة 3 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،
قد وضع معايير تسعى إلى حماية حقوق من يواجهون عقوبة الإعدام، وهي المبادئ التي تم التنصيص
عليها بوضوح من طرف المجلس الاقتصادي والاجتماعي في قراره رقم 72/8891 المتعلق بالمعايير
الدولية الدنيا التي توفر الضمانات التي تكفل حماية حقوق من يواجهون عقوبة الإعدام، وهو الأمر الذي
أعادت لجنة حقوق الإنسان تأكيده في قرارها رقم 78/0227
وقد جددت لجنة حقوق الإنسان والية المقرر الخاص عدة مرات ووسعت عنوان الوالية في قرارها
72-1992
ليتضمن “الإعدام بال محاكمة” بالإضافة إلى الإعدام “التعسفي وبإجراءات موجزة”. وقد طلبت
لجنة حقوق الإنسان، في قرارها 8883/51 ،من المقرر الخاص لدى تأديته لواليته، القيام بمجموعة من
الإجراءات التي تهدف إلى تتبع حالات الإعدام أو محاكمة أو الإعدام التعسفي أو بإجراءات موجزة،
ومواصلة تعزيز حواره مع الحكومات، بالإضافة إلى متابعة التوصيات التي يتقدم بها في تقاريره بعد زيارة
بلدان معينة،و ايلاء
اهتمام خاص الإعدام الأطفال والنساء أو الضحايا من الإفراد الذين يضطلعون بأنشطة
سلمية دفاعا عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية بال محاكمة أو بإجراءات موجزة، ولإدعاءات المتعلقة
بانتهاكات الحق في الحياة في سياق العنف الذي يمارس ضد المشاركين في مظاهرات وغيرها من
التظاهرات العامة السلمية، أو ضد من ينتمون إلى أقليات، مع مواصلة رصد تنفيذ المعايير الدولية القائمة
حاليا بشأن الضمانات والقيود المتعلقة بتوقيع عقوبة الإعدام
إن هذه الأدبيات الأممية تدل، بما لا يدع مجال للشك، على أن فلسفة المواثيق الدولية في مجال
عقوبة الإعدام تهدف إلى تشديد الخناق على عقوبة الإعدام وتقييد استخدامها وتعزيز الضمانات والقيود
التي تحول دون توقيع عقوبة الإعدام
وفق هذا المنحى، يهدف منتدى الكرامة لحقوق الإنسان إلى تعميق النقاش والحوار، بخصوص
انضمام المغرب إلى البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام، من خلال البحث عن أرضية مشتركة بين وجهات النظر بين المطالبين
بإلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب والداعين للإبقاء عليها، وفق منهجية علمية تتوخى حوارا هادئا ورصينا
ومسؤوال، بغرض الوصول إلى صيغة متوافق عليها تتميز بالواقعية والقابلية للتطبيق، وتحترم التزامات
المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان، فضال عن كونها تضمن الحق في الحياة باعتباره من أهم الحقوق وأقدسها
منتدى الكرامة لحقوق الإنسان/ اليوم تيفي