مبارك أباعزي
أسس الفنان يوسف أنامارمجموعة “أنامار” التي بدأت مسارها الفني منذ سنة 2008، إذ أصدرت ألبومها الأول الذي وسمته بـ “إمُورِيـﮕْإمّيمْنْ”. وفي سنة 2011 أصدرت المجموعة ألبومها الثاني بعنوان “أيوز ءاتامازيغت”، حوّلته، بعد ذلك بسنة، إلى ألبوم مصور نال إعجاب محبي المجموعة ومتتبعيها. وفي سنة 2013 أخرجت إلى الأسواق ألبوم “أغْريب” الذي تحوّل إلى ألبوم مصور في السنة الموالية. أما في سنة 2015 فقد أصدر أفراد المجموعة ألبوما آخر عنوانه “لوصيت”. وواصلوا مسارهم الفني بإخراج ألبوم “أجْيّيأوْرالاّغ” سنة 2017. وحالت ظروف خاصة بين أطراف المجموعة دون استمرارها، لكن مؤسسها ورئيسها واصل مساره الفني، وأصدر ألبوما خاصا به سنة 2019، مغيرا نمط الإبداع في التلحين والأداء إلى النمط الفردي، متخليا عن طريقة المجموعة. وفي هذا الحوار نحاول أن نقرّب للقارئ الكريم بعض انشغالات الأغنية الأمازيغية ومشاكل الإنتاج والتسويق من خلال التجربة الخاصة للفنان يوسف أنامار.
يقول الفنان يوسف أنامار عن نجاح إبداعاته: “أظن أن تمسك الفنان بجذوره، ورغبتَه فيالتواجد داخل المجال المحلي، يجعل أي عمل فني غير قادر على اقتحام الأمكنة المختلفة. وأنا كنت مصرا على التواجد في “تغجيجت” حبا فيها. كما أن العمل الشبابي الذي يقوم به شاب في مقتبل العمر يحتاج إلى مساعدة من طرف رواد الأغنية الأمازيغية الذين يعرفون أسرار الفن وخباياه، فهم يرشدون الفنانَ إلى مزالق التأليف في الكلمات والألحان، وحتى في أداء الكلمات داخل الأغنية. إن أصحاب الشركات والإستوديوهات لا تهمهم جودة العمل، بقدرما يهتمون بقبض الأموال التي يصرفها الفنان من جيبه، في حين أن المغني، الذي يمكن أن تعده صديقا في هذه الحال، حين يكون برفقتك، ينبهك إلى أخطائك وهفواتك”.
ويصرح بخصوص تعامله مع رواد الأغنية الأمايزيغية: “تعاملت مع كثير منهم، مثل حسن أرسموك، وأحمد أبعمران، وحسن أزنزار، وسعيد أزفاض، ومحمد أمراي. وتعاملت مع تقنيين مثل عزيز أوسايح ومحمد أوبري، ومتخصصين في العزف مثل سالم مراد، وغير هؤلاء. غير أنني أود الإشارة إلى أن رواد الأغنية الأمازيغية غالبا ما ينتابهم هاجس السقوط حين يظهر إلى الوجود من يستولي على مساحة التلقي الإبداعي، لهذا لا يقدمون يد المساعدة حين يُطلب منهم ذلك. إنهم يحتكرون سوق الأغنية الأمازيغية ويخافون من الأصوات الجديدة،. دون أن يعني هذا أنني أعمم المسألة، فذلك ينطبق على بعضهم فحسب”.
وقد استاء الفنان الشاب من طغيان الزبونية والمحسوبية في المهرجانات قائلا إن “الذي يحدث في هذه الحالات أكثر هو أن الفنان في حاجة لأن يكسب المعارف حتى يكون متواجدا في هذا المهرجان أو ذاك. إن المحسوبية التي تتحكم في هذا البلد، وفي جميع المجالات، تتحكم أيضا في المهرجانات. خلاصة الأمر أن الفنان يجب أن يكون تحت سلطة السياسي؛ رئيس الجماعة أو البلدية أو الجمعية، أو ما شابه ذلك. والدليل على هذا أن أعمالي الفنية ذات جودة عالية، بشهادة الناس وبعض الفنانين، إلا أن المهرجات مغلقة في وجهي لأسباب لا أعرفها. لقد غنيت في مهرجانتنزروفت ومهرجان تغجيجت مرات عديدة، لكن المطلوب هو أن يبحث القائمون على المهرجانات عن الجودة، بدل أن ينتظروا تودد الفنانين وأشباه الفنانين إليهم. نريد لعجلة الإصلاح بالمغرب أن تستمر، ومنه أن يكون معيار ولوج المهرجانات هو الجودة وليس شيئا آخر.
وعن دخل الفنانين يشير إلى أن “الكسب المادي من الألبومات منعدم، سواء أكان الفنان مبتدئا أم محترفا. غير أن الفنانين بدأوا ينتقلون إلى “اليوتيوب” بوصفه ملجأ للربح المادي، علما أنه يحتاج إلى وسائل أخرى، مثل تسجيل الفيديوهات ذات الجودة العالية، والبحث عن طرق نشره. وأسرار ذلك يعرفها الذين يعملون في هذا المجال. والفنان يحتاج أيضا إلى من يساعده في هذا المجال. وأريد أن أذكر مسألة شراء المشاهدات التي يقوم بها الفنانون المعروفون، وهذا يوهم الناس بأن الأغنية جيدة، والحال أن الأمر غير ذلك. ولا شك أن الناس سيلاحظون مدى انتشار الأغنية العربية مقارنة بالأغنية الأمازيغية، وهذا مرده إلى الإمكانيات واتساع دائرة الاستهلاك الجماهيري. فكلما اتسعت هذه الدائرة، كانت سبل الحصول على الموارد ممكنة، وكان من الممكن أيضا أن تُصرف هذه الموارد في إنتاج أعمال جديدة. ومالم يتم التمكين للعمل الأمازيغي وتشجيعه، سيظل دون الجودة التي نرجوها.
وفي كلمة أخيرة قال إن كلّ ما يرجوه هو أن يلتئم الفنانون الأمازيغ، وأن يتفادوا الحسد حتى يكونوا قادرين على خدمة الفن الأمازيغي. وأشار مشوار الإبداع الأمازيغي يجب أن يكون في مسايرة العصر، والتخلي عن طرق التعبير القديمة.