التنوعُ البيولوجي عنصر حيوي لصحة البشر ورفاههم سواء تعلق الأمر بالأنواع أم بالنظم الإيكولوجية بأكملها. فجودة الماء التي نشربه والطعام الذي نأكله والهواء الذي نستنشقه ترتهن بالحفاظ على سلامة العالم الطبيعي. ونحن نحتاج إلى نظم إيكولوجية سليمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والتصدي لتغير المناخ. إذ بوسع تلك النظم أن توفر 37 في المائة من عوامل التخفيف الضرورية للحد من ارتفاع درجات الحرارة في العالم.
غير أن النظم الإيكولوجية في العالم تواجه تهديدات غير مسبوقة. فالتقرير الجديد المقلق والموثوق الصادر عن المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، قد كشف أن الطبيعة تتدهور بمعدلات لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية برمته. فمنذ عام 1990، تسببت إزالة الغابات في فقدان 290 مليون هكتار من الغابات التي تساعد على امتصاص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الضارة من الغلاف الجوي. وثمة مليون من أنواع النباتات والحيوانات المعرضة للانقراض، وأكثرُ من ٩٠ في المائة من الأرصدة السمكية البحرية إما يتناقص وإما يتعرض للصيد المفرط.
وستكون آثار ذلك وبالاً على الناس في جميع أنحاء العالم. ويتوقع أن تؤدي الاتجاهات السلبية الحالية في التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية إلى تقويض التقدم المحرز صوب بلوغ ٨٠ في المائة من الغايات المندرجة تحت أهداف التنمية المستدامة. ونحن، ببساطة، لا يمكننا أن نسمح بوقوع ذلك.
ويبرز اليوم الدولي لهذا العام أثر إهمال البيئة على الأمن الغذائي والصحة العامة. فالنظام الغذائي الراهن في العالم يعاني من اختلال متزايد. فالبلايين من الناس لا سبيل لهم إلى الحصول على التغذية السليمة وما يقرب من ثلث الإنتاج مآله الضياع أو الهدر. والطرق التي ننتهجها في زراعة الأغذية وتجهيزها ونقلها واستهلاكها هي من الأسباب الرئيسية المفضية إلى فقدان التنوع البيولوجي وهي أيضا من العوامل المساهمة في تغير المناخ.
إن من الواجب علينا أن نتحرك بسرعة لقلب هذه الاتجاهات وتشجيع التغيير الذي يحقق التحول المنشود. ولا تنقصُنا الحلول. فإن نحن أوقفنا الممارسات الضارة بيئيا وقمنا بتنويع نظمنا الغذائية وتعزيز أنماط الإنتاج والاستهلاك الأكثر استدامة، يمكننا أن نحسن الصحة العالمية، ونعزز الأمن الغذائي، ونقوي القدرة على التكيف مع تغير المناخ.
وإنني بمناسبة اليوم الدولي للتنوع البيولوجي لأحث الجميع، حكومات ومؤسسات تجارية ومجتمع مدني، على اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية شبكة الحياة الهشة والحيوية على كوكبنا الوحيد وإدارتها على نحو مستدام