بقلم د . محمد التهامي الحراق
لا أخفيكم أصدقائي..شعرت بالشفقة الحزينة وأنا أصغي إلى كلام “الداعية” عائض القرني، وهو يتبرأ من “فكر الصحوة” ويتبنى “الإسلام والوسطي والمعتدل” الذي يتم تبنيه رسميا مع القيادة السعودية الجديدة. دواعي شعوري عديدة منها: أ- الحديث عن انتقال من تيار إلى تيار في فهم الدين والتعامل معه، تم وكأننا إزاء “خلع معطف وارتداء آخر”، أي تم باستسهال يطعن في “فكر الصحوة” وفي “إسلام الوسطية والاعتدال” الذي أعلن الداعية “اعتناقه”. فيما الأمر ليس بهذه السطحية السوداء، والفارغة من كل معنى؛ فأين المراجعات الفكرية المسوغة لهذا الانتقال؟ وأين طرح القضايا وتفكيك مستنداتها في “فكر الصحوة”؟ وما هي الدواعي المعرفية والدينية والسياسية والاجتماعية للمراجعة؟ وكيف يمكن إقناع الناس بتهافت “معتقدات” ظلت قوت وجدانات ونفسيات وعقول جماهير من الناس على مدى عقود، “معتقدات” اكتسبت “قداسة” ووجهت سلوكات واختيارات، واستدعت مواقف وتمويلات وتضحيات ووووو؟؟؟؟؟، لست أدافع هنا عن “فكر الصحوة” ولا عن نقيضه، وإنما أقف على “سريالية” المشهد التي بقدر ما تُدين تيار الصحوة تدين الصيغة الجديدة للتدين، وتكرس بالتالي شروط تغذية الإلحاد ونفض اليد من صورهذا التدين التي تتهاوى بهذه الأساليب الشعبوية والسطحية واللامسؤولة علميا ودينيا في الانتقال من صورة تدينية إلى أخرى من خلال مشهد كاركاتوري قوامه لعن الصورة السابقة وتمجيد اللاحقة…
ب- إن الطريقة التي تبرأ منها الداعية القرني من فكر الصحوة، تدينه مثلما تدين هذه الأصوات التي تستهزء بعقول ووجدانات ومعتقدات الناس…كان يلزم تجييش العقل النقدي لتفكيك مسلمات “فكر الصحوة”، وإصدار كتب ومقالات ودراسات تتناول مفاهيم وتاريخ ومناهج وخلفيات هذا الفكر، وتناقش تناقضاته، وهنات قراءته للنصوص الوحيانية وتعامله مع الموروث الفكري الإسلامي…وووو، ثم التأسيس العلمي للأفق الجديد دينيا ومعرفيا ومنهاجيا وتاريخيا واجتماعيا…والدخول في اشتباك علمي من أجل التأسيس لهذا الأفق التنويري بعيدا عن استهلاك وإهلاك شعار “الوسطية والاعتدال” مما يدعيه أيضا “فكر الصحوة” المتَبَرَّأ منه.
ج- تأكد لي بهذه “الخرجة” الإعلامية