غيري، وأنا ومن معنا من المواطنين المغاربة بالخارج، حين نتحدث عن مجلس الجالية، وهذه قاعدة اخلاقية لا يختلف عليها اي شخص عاقل او منطقي؛ نتحدث عن الهدف الجوهري الذي يكمن وراء إحداث مجلس الجالية المغربية بالخارج والمتمثل في تنظيم صفوف الجالية وكيفية تدبيرالشأن الإجتماعي بها وجعلها آداة ضغط سياسي وإقتصادي لصالح الوطن والمواطنين هنا وهناك، وضمان حقوقهم في المغرب وصيانة مصالحهم في بلدان الإقامة.
خلال الأيام الأخيرة يعيش مجلس الجالية أزمة داخلية، على خلفية ملف كاتبه العام المتعلق في المتابعة القضائية له وفقا لمعايير قانونية تورط فيها هو وأحد القادة السياسيين بالمغرب. تِلكم معطيات جميعها ليست بعيدة عن ذهن صانع القرار؛ ذاك يعني أن مصير مجلس الجالية تحدده الأيام المقبلة خاصة أن تاريخ انتهاء ولايته الإنتقالية المفترض كانت تكون في دجنبر 2011.
فالوضع الجديد لمجلس الجالية يتجسد في النص القانوني الذي خصه به الدستور وخاصة الفصل 163.” يتولى مجلس الجالية المغربية بالخارج على الخصوص، إبداء آرائه حول توجهات السياسات العمومية التي تمكن للمغاربة المقيمين بالخارج الحفاظ على علاقات متينة مع هويتهم المغربية، وضمان حقوقهم، وحماية مصالحهم وكذا المساهمة في التنمية البشرية والمستدامة في وطنهم المغرب وفي تقدمه.”
فالنص مهم للغاية مما جعل هذا المجلس محل ثقة وثناء عند جمعيات ومنظمات متنوعة داخل صفوف مغاربة العالم من فاعلين سياسيين وشخصيات مهمة ونساء وشباب… ما ظل مبررا لدى الكل بأن توجيهات المسؤولين عن قضية المواطنين المغاربة في الخارج والهجرة بشكل عام، أصبحت لديهم رغبة أكبر في التغيير لأجل خلق مؤسسة متوازية وتشاركية تفرز هذه الأخيرة قيادة جادة ومسؤولة تصل إلى حل سياسي وليس تسوية سياسية.
فالمؤسف أن مجلس الجالية مع تحكم أجهزة الكتابة العامة فيه، لم يضع أي رأي إستشاري حول السياسات العمومية المتعين نهجها في مجال الهجرة أو في وضعية مغاربة العالم؛ خصوصا أن مرحلة التغيير التي جاءت مع تشكيل حكومات جديدة في إطار دستور جديد لا تهم مغاربة الداخل فحسب بل تهم أيضا 6 ملايين مواطن مغربي مقيم بالخارج يشكلون قطاعا إستراتيجيا ذا مصلحة وطنية وقوة إقتراحية في بلدان الإقامة، ينتظرون بدورهم نتائج جديدة وملموسة وجدية في طريقة تدبير ملفهم.
اشتعال الفتنة داخل مجلس الجالية كانت متوقعة منذ أن أصبح هذا الأخير دارالفتاوي والنشر، واصبح أحدهم عالما بإيقاظ الفتنة ومحذرا لها. فالأمر ليس مدهلا لغاية، لأن صدور فتاوي تخص فقه المهجر ليس بالأمر العسير على مجلسنا الموقر. حيث نتج عن ذلك سياسات تسير في الإتجاه المعاكس الذي تأسس مجلس الجالية وأحدثَ من أجلها.
من هنا تبرز الحاجة إلى تطوير سياسات تسير في الصواب الصحيح، حيث أنه على المسؤولين الجدد الذين سيشرفون على إدارة المجلس وضع سياسة جديدة تنمي لديهم الشعور بالفخر بالإنتماء إلى المغرب وتأخد بعين الإعتبار تنوع مواطنيه حيث يكون فيه القانون هو القاعدة. يعني هذا أن المسؤولين الجدد بحاجة إلى التعامل مع أفراد الجالية بإعتبارهم مواطنين هنا وهناك وليس على أساس أنهم مغاربة مقيمون خارج الوطن. هنا تبرز ضرورة وضع مقاربة جديدة تأخذ بعين الإعتبار هذا المعطى الجديد.
مجمل القول؛ مايجري من أحداث، أو مانراه من تصعيد قد يأخذ آخرين إلى قفص الإتهام، أشياء لاتهمنا بقدر مايهمنا نحن مغاربة العالم مصلحة مجلسنا الموقر، وهذا يتوجب وبكل صراحة على أصحاب القرار إعادة التفكير والنظر في مهام مجلس الجالية وإعادة توجيهه في إطار إستراتيجي شامل ومنفتح على تقييم ممثلي الجالية. ويتعلق الأمر هنا بالرجوع إلى أهدافه الأولية لوضع دعمات إستراتيجية تعيد تحديد عمله وتوجهاته. لذلك أصبح إصلاح المجلس وضخ دماء جديدة فيه ضرورة ملحة اليوم. وبهذه الطريقة يمكن فتح آفاق جديدة قادرة على جعل شريحة واسعة من الجالية تلتف حول مجلس يهتم بقضاياها يكون قويا وذا مصداقية، متوجها برؤية شاملة ومتكاملة لتدبير ملف المغاربة بالخارج..
السيد: علي زبير
باحث في شؤون الهجرة
alizbir@gmail.com