بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
السيدات والسادة الوزراء
السيدة الامينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا
السيدات والسادة ممثلي المؤسسات الدولية
السيدات والسادة ضيوف المملكة المغربية
أيها الحضور الكريم
نود أولا وقبل كل شيء أن نرحب بكم في مدينتكم مراكش وفي بلدكم الثاني المغرب، ونتمنى للجميع مقاما طيبا بين ظهراننا، كما نود أن نعرب لكم عن سرورنا واعتزازنا لاستضافة الدورة الخامسة للمنتدى الإفريقي للتنمية المستدامة المنظمة بشراكة مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا. ولن تفوتني فرصة الكلام عن الدورة الخامسة دون تقديم التهاني لدولة السنغال على الجهود التي بذلتها طيلة السنة الماضية كرئيسة للدورة الرابعة لهذا المنتدى الهام، الذي يروم استشراف أحسن السبل لتسريع مبادرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمحافظة على البيئة في قارتنا الإفريقية، وفي انسجام تام مع الاجندة الأممية للتنمية 2030 وأهدافها السبعة عشر وكذا مع الخطة العشرية الأولى لتنفيذ أجندة 2063 باعتبارها رؤية مستقبلية يجب علينا تحقيقها لإرساء أسس التنمية المستدامة المنشودة لكل الشعوب الإفريقية
السيدات والسادة الوزراء
أيها الحضور الكريم
فكما تعلمون، يُعقد المنتدى الإفريقي لهذه السنة في سياق متميز، باعتبار أن خلالها، سيتم الانتهاء من الدورة الأولى للمتابعة والاستعراض العالمي لجميع أهداف التنمية المستدامة. كما ستعرف هذه السنة، إضافة الى عقد المنتدى السياسي الرفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة في يوليوز المقبل برعاية المجلس الاقتصادي والاجتماعي، تنظيم مؤتمر قمة القادة في نيويورك يومي 24 و25 شتنبر، برعاية الجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك من أجل إعطاء نفس جديد لهذا الورش المُهيكل لتحقيق الهدف المنشود وهو أن لا يخلف أحد عن الركب في أفق 2030
ها نحن اليوم مجتمعين في محطة جديدة ومُتجدِّدة من المحطات الرامية الى تعزيز الشراكة والتعاون بين الدول الإفريقية، وكلنا أمل أن تُمَكن أشغال هذا المنتدى الهام من تحليل الواقع، واقتراح الحلول القادرة على وضع القارة الإفريقية وشعوبها على مسار التنمية المستدامة وفقا لروح الخطة الأممية الجديدة التي حَددت وجوب عدم إهمال أحد في أفق 2030
السيدات والسادة
أيها الحضور الكريم
تُنظم هذه الدورة تحت شعار “تمكين الناس وضمان الشمول والمساواة” في المنطقة الإفريقية، التي ستعرف مناقشة عدة أهداف وخاصة الهدف الرابع المتعلق بالتعليم الجيد، والهدف الثامن المتعلق بالعمل اللائق والنمو الاقتصادي، والهدف العاشر المتعلق بالحد من أوجه عدم المساواة، والهدف الثالث عشر المتعلق بالعمل المناخي، والهدف السادس عشر المتعلق بالسلام والعدل والمؤسسات القوية، والهدف السابع عشر الخاص بعقد الشراكات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة
وفي هذا السياق، نبقى متيقنين أننا اليوم أمام تحديات كبرى، تفرض علينا تضافر الجهود وتعزيز التعاون بين كل دول القارة الإفريقية إذا نحن أردنا “تمكين الناس وضمان الشمول والمساواة” للجميع. ومن بين هذه التحديات، اسمحوا لي أن أُذكِّر بإشكال التغير المناخي، الذي أصبح واقعا، ملموسا يهم كل دول المعمور وخاصة الدول الإفريقية. فآثاره المحسوسة وكذا المتوقعة تفرض علينا وضع استراتيجيات وخطط عمل للتَكيُف من أجل مواجهتها. ولكونه ناتج عن ارتفاع انبعاث الغازات الدفيئة، فالتغير المناخي يعتبر من بين الإشكاليات الكونية الكبرى التي تستلزم ردا عالميا. ولبلوغ ذلك فالمنتظم الدولي مطالب أكثر من أي وقت مضى بتكثيف الجهود من أجل تنزيل مقتضيات اتفاق باريس على أرض الواقع لاحتواء هذه الظاهرة والحد من اثارها السلبية على كل مناحي الحياة. فالمناخ اليوم في تغير مستمر ولا أحد يمكنه التكهن بما ستؤول له الأمور في المستقبل القريب إذا لم تتخذ الإجراءات المستعجلة لخفض انبعاث الغازات الدفيئة. ووفقا لهذا المنظور، يمكن القول أن تحقيق التنمية المستدامة أصبح بشكل من الأشكال مرتبط بانخراط الجميع في تنزيل مقتضيات اتفاق باريس لتغير المناخ على أرض الواقع. فعلينا إذن أن نوحد الصفوف بيننا لنترافع من أجل العدالة المناخية للجميع. ويبقى الأمل معقود على الدول المتقدمة للوفاء بالتزاماتها في هذا الإطار للسير قدما في مكافحة التغير المناخي من خلال توفير التمويل اللازم وتيسير نقل التكنولوجيا وتقوية القدرات
السيدات والسادة الوزراء
أيها الحضور الكريم
إن المملكة المغربية، ليست خارج الديناميكية العالمية الجديدة الرامية إلى إرساء أسس التنمية المستدامة التي كرسها دستور 2011 وجعلها حق لكل مواطن ومواطنة. فالتزامنا من أجل تحقيق هذه التنمية قد أصبح جليا من خلال سلسلة من الإصلاحات السياسية والمؤسساتية والتنظيمية والمالية بالإضافة إلى اعتماد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة بتاريخ 25 يونيو 2017. وفي إطار هذه الإصلاحات، تم اعداد عدة برامج مهيكلة تهدف الى تنمية الطاقات المتجددة، ونجاعة الطاقة، والاقتصاد في الماء، وكذا التدبير المستدام للنفايات الصلبة والسائلة
لقد تم كذلك العمل على النهوض بالتنمية البشرية، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، والتي أصبحت من الأولويات الأساسية منذ تولي صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله عرش المملكة والتي تجسدت من خلال تنفيذ السياسات الرامية إلى الإدماج الاجتماعي ومحاربة الفقر والهشاشة كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وإلى تمكين الفئات المعوزة من الولوج إلى الخدمات الصحية، والتعليم والسكن اللائق والشغل
السيدات والسادة الوزراء
أيها الحضور الكريم
لن تفوتني هذه الفرصة، لكي أدعوكم لتعزيز التعاون بيننا، من أجل غد أفضل، لا يخلف أحد فيه عن الركب. نعلم أن التحديات التي تواجهنا، لتحقيق التنمية المستدامة، كثيرة ومتشعبة، لكن تبقى عزيمتنا أقوى لمواجهتها وكلنا طموح أن ننهض بمجتمعاتنا ونصنع لها مستقبلا مشرفا من خلال بناء مجتمعات الريادة والمعرفة، واستغلال الإمكانات والفرص الهائلة لقارتنا للسير بكل الثقة المطلوبة على مسار التنمية المستدامة المنشودة
إننا مطالبون اليوم للوقوف على التقدم المحرز في دولنا على مسار تحقيق التنمية المستدامة، ولتبادل التجارب والخبرات والدروس المستفادة من الإنجازات الوطنية والإقليمية في ضوء التحديات الماثلة أمام المنطقة والفرص الإنمائية المتاحة لها، كما نحن مطالبون اغتنام فرصة عقد هذا المنتدى لتعميق النقاش بيننا من أجل تحديد أهم التوصيات والرسائل القادرة على تجسيد أولوياتنا وإبراز تطلعاتنا لتحقيق التنمية المستدامة بغية رفعها إلى المنتدى السياسي الرفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة المزمع عقده شهر يوليوز من هذه السنة
وفقنا الله لتحقيق ما نطمح له من رفاه لكل الشعوب الإفريقية والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركا