الإطار القانوني لهيئة المتصرفين
تخضع هيئة المتصرفين المشتركين بين الوزارات لمقتضيات المرسوم 377-10-2 الصادر بتاريخ 29 أكتوبر 2010 بمثابة نظام أساسي لهذه الهيأة). ويعتبر المتصرف وفقا للمادة الثالثة من هذا المرسوم، فاعلا أساسيا في تصميم وتخطيط وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية، إذ يقوم بمهام الخبرة والاستشارة والتأطير والإدارة والتنشيط والمراقبة والتنسيق بمختلفمصالح الإدارة. كمايزاول إضافة إلى ذلك مهام تقنية هندسية ومهام البحث العلمي والتدريس والتكوين بالإضافةإلى مهام لغوية تواصلية، وذلك وفقا للبنية التكوينية التخصصية المتنوعة للمتصرفين.
ويخضع متصرفو وزارة الداخلية للنظام الأساسي الخصوصي لمتصرفي وزارة الداخلية المؤطر بظهير رقم 038-63-1 الصادر في 5 شوال 1382 (1 مارس 1963).
مؤسسات التعليم العالي والشواهد المخولة لولوج هيئة المتصرفين
يلج لهيئة المتصرفين المشتركين بين الوزارات وفقا لهذا المرسوم ولقرارات وزارة الوظيفة العمومية، خريجو المعاهد والمدارس العليا ذات الولوج المحدود والمقرون بشروط صارمة بالإضافة إلى خريجي الجامعات الوطنية والدولية كالتالي:
المدارس والمعاهد العليا ذات الولوج المحدود | الجامعات ذات الولوج المحدود | الكليات الوطنية والدولية |
– المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات
– المدارس الوطنية للتجارة والتسيير – المعهد الوطني للتهيئة والتعمير – المعهد العالي للدراسات البحرية – المعهد العالي لعلوم الاعلام والاتصال – مدرسة الملك فهد العليا للترجمة بطنجة – أكاديمية الفنون التقليدية – المدرسة الملكية البحرية – المدارس العليا للمهندسين: أسلاك الماستر – … |
جامعة الأخوين
– ماجيستير دولي في التسيير الالكتروني للمقاولات ماجيستير علوم في ادارة الأعمال – ماجيستير علوم إنسانية تطبيقية |
– كليات الحقوق
– كليات العلوم الاقتصادية – كليات العلوم – كليات العلوم والتقنيات – كليات الآداب والعلوم الإنسانية – … |
مهام هيئة المتصرفين
- تتمحور مهام هيئة المتصرفين حول أربعة أقطاب أساسية تنبثق من صلب تخصصاتهم الأكاديمية وهي:
- الاقتصاد والمالية بكل تشعباتها: تدبير المالية العمومية; والمحاسبة، تدبير الصفقات العمومية، الافتحاص والتدقيق ومراقبة التسيير، الأكتوياريا، الاقتصاد القياسي، …
- القانون بكل تفرعاته: القانون الإداري، قانون العقارات والعقود، صياغة النصوص القانونية، هندسة القوانين، قانون المنازعات،
- الانتقال الرقمي بكل تطبيقاته: هندسة شبكات المعلوميات، هندسة وتطوير البرمجيات، النظم المعلوماتية…
- اللغات والتواصل والصحافة والإعلام
- التدبير القطاعي: ويتعلق الأمر بالتخصصات المرتبطة بالقطاعات كقطاع السياحة والتعمير والتجارة … التي لها مدارس خاصة تكون أطرا في هذه المجالات.
هيئة المتصرفين ومناصب المسؤولية
يضطلع المتصرفون والمتصرفات بالإدارات العمومية بمسؤوليات كبرى على مستوى كل القطاعات الوزارية والجماعات الترابية والغرف المهنية إلى جانب باقي الفئات المكونة للإدارة، حيثيتدرجون من رئيس مصلحة إلى كاتب عام بوزارة أو مديرا للمصالح بالجماعات الترابية، مرورا بمنصب مدير أو مدير عام مؤسسات عمومية كبرى ورئاسة مجالس وطنية ذات مواقع هامة ضمن مؤسسات الدولة حيث تؤكد هذه المسؤوليات التي يضطلع بها المتصرفون في كل المؤسسات والإدارات تصنيف هيئتهم ضمن النخبة الفكرية والعلمية والإدارية.
الإشكاليات المادية والمهنية والحقوقية
تجميد أجور المتصرفين
بالرغم من وجود هيئة المتصرفين في مستويات عليا سواء من ناحية المهام أو التكوين أو المسؤوليات والأدوار في تدبير مصالح الدولة، فقد أصبحت تعيش وضعا ماديا ومهنيا واعتباريا في تدن مستمر يعصف بها من مستوى الطبقة المتوسطة الى الطبقة المتسمة بالهشاشة المادية والاجتماعية، بحيث لم تتم مراجعة أجورها منذ 20 سنة مع ما صاحب هذا من ارتفاع للمؤشرات الاقتصادية من غلاء وتضخم أثر سلبا على القدرة المعيشية لهذه الفئة. خلافا لباقي الهيئات سواء منها المماثلة أو غير المماثلة التي عرفت تحسين وضعها المادي عبر مراجعة أنظمتها الأساسية أو بناء على قرارات وزارية تهم الترقيات أو امتيازات أخرى، في تمييز واضح وغير مبرر بين موظفي الدول الذين يتوفرون على نفس الوضعية المهنية.
نموذج عن الفوارق الأجرية بين المتصرفين وبعض فئات الأطر العليا العاملة بالإدارة العمومية
نموذج سلم 11 الرتبة الأولى والرتبة الأخيرة في المسار المهني
الهيئات المهنية | الأجر عند التوظيف أو التعيين في سلم 11 | الفوارق عند التوظيف سلم 11 | الأجر في آخر المسار المهني | الفوارق في آخر المسار المهني |
المتصرفون | 7663 | 13534 | ||
المنتدبون القضائيون | 9811 | 2148 | 18666 | 5132 |
المهندسون | 9043 | 1380 | 19576 | 6042 |
مفتشو الشغل | 9913 | 2250 | 16033 | 2499 |
المستشارون القانونيون | 10656 | 2993 | 30595 | 17061 |
مصدر المعلومات: موقع ارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة
ولم يقتصر التمييز بينهم وبين الفئات التي تتوفر على نفس التكوين والمهام وسلم الأجور بل تعداها إلى وضع هوة أخرى بينهم وبين فئات أقل منهم تكوينا ومهام وترتيبا في سلم الأجور مما شكل منذ سنة 2011 واقعا غير مسبوق وغير منطقي في تاريخ الوظيفة العمومية وضع المتصرفين في أدنى المستويات الأجرية.
هذا الواقع أفرز حالات شاذة وغريبة نذكر منها على سبيل المثال كون المتصرفين من ذوي مناصب المسؤولية، خاصة رؤساء المصالح والأقسام، يتقاضون أجرا (بما فيه تعويضاتهم عن المسؤولية) أقل من بعض مرؤوسيهم من فئات مهنية أخرى لهم سلم أجري أو رقم استدلالي مماثل أو أقل وأقدمية أقل، مع أن هؤلاء المرؤوسين يخضعون لتأطير وإشراف وتقييم رؤسائهم من المتصرفين.
الفوارق الأجرية ومناصب المسؤولية
الإطار والمنصب | الأقدمية | الراتب+ التعويضات المرتبطة بالمسؤولية |
متصرف رئيس قسم | 7 سنوات | 11000 |
متصرف رئيس مصلحة | 7 سنوات | 9817 |
مهندس دولة دون منصب مسؤولية | 5 سنوات | 11666 |
منتدب قضائي دون منصب مسؤولية | اول سنة (متدرب) | 9811 |
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن منظومة الأجور بكاملها، وبناء على الدراسة التي أجرتها وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة كما أقر بذلك تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول تقييم الوظيفة العمومية سنة 2017، تعرف عدة اختلالات بنيوية من حيث أنها منظومة غير عادلة وغير منصفة بالنظر إلى علاقتها بكلفة الحياة الاجتماعية من جهة وغير متطابقة مع المجهود المهني من جهة ثانية وغير متوازنة أو مماثلة بين الفئات المتشابهة في الكفاءة العلمية او المهنية الشيء الذي يجعلها منظومة غير ملائمة لواقع التحولات العميقة التي تعرفها منظومة الموارد البشرية من حيث المرجعيات العلمية والمهنية والوظائفية بالإدارة العمومية والتطورات البنيوية في مهام وادوار الدولة و صلاحيات هياكلها المركزية والمحلية
انحباس مسار الترقي
تتسم منظومة الترقي الخاصة بهيأة المتصرفين بالقصور وانحباس المسار المهني وضيق الأفق. فالنظام الأساسي لهذه الهيئة الصادر سنة 2010، لا يتضمن إلا إمكانيةواحدة للترقيللمتصرفين الذين يتم توظيفهم في الدرجة الثانية (سلم 11)، علما أن هذه الإمكانية لا تتم إلا بآلية وحيدة وهيالاختيار بعد مدة قد تصل إلى 15 سنة في هذه الدرجة، حيث ينتقلون إلى الدرجة الأولى (خارج السلم) التي يستمرون فيها لمدة قد تفوق ال 20 سنة وإلى حين الإحالة على التقاعد.
وفي هذا السياق،نذكر على أنه في إطار الحوار الاجتماعي وضمناتفاق 26 أبريل2011 الموقع بين الحكومة والمركزيات النقابية تم التنصيص على إضافة درجة جديدة للمسار المهني للموظفين الذين لا يترقون إلا مرة أو مرتين خلال حياتهم المهنية. إلا أن هذا الاتفاق تم تنزيله لفائدة مجموعة من الفئات وتم حرمان المتصرفين من الاستفادة منه بالرغم من استيفائهم لشروطه.
تعاطي الحكومة مع ملف المتصرفين: تمويه وكيل بمكيالين وازدواجية في المعايير
وضع الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة، كجمعية مهنية من أهدافها الدفاع عن الحقوق المهنية والمادية لهيئة المتصرفين، ملفا مطلبيا سنة 2012، يتضمن عناصر مشروع نظام أساسي من شأنه إنصاف المتصرفين بتحقيق العدالة الأجريةوالمهنية كما طالب بفتح حوار حول هدا الملف كما فعلت مع باقي الفئات سواء عبر التنظيمات النقابية أو الجمعوية أو التنسيقيات الممثلة لها.
وقد وجه الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة رسائلعديدة لرئيس الحكومة ووزير الاقتصاد والمالية ووزير الوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة وإلى كل المعنيين بهذا الملف، إلا أننا لم نتوصل بأي رد مكتوب، لكن بالمقابل أجابت الحكومة عبر وزيرها في الوظيفة العمومية على أسئلة الفرق البرلمانية، حيث تمحورتأجوبتها حولما يلي:
- الإقرار بمشروعية وعدالة مطالب الاتحاد وبالحيف الواقع على الهية؛
- تأكيد الحكومة على القطع مع المقاربة الفئوية وعلى أن حل ملف هيئة المتصرفين سيكون ضمن حلول شمولية لكل الملفات الفئوية في إطار ما سمي بالإصلاحالشمولي للإدارة ومراجعة كاملة للنظام الأساسيالعام للوظيفة العمومي؛
- معالجة الملف ضمن جولات الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية.
لكن في الوقت الذيكررت فيه الحكوماتالسابقة نفس الأجوبة مند سنة 2012، نسجل التناقض الصارخ بين خطابها الموجه لهيئة المتصرفين وممارساتها على أرض الواقع، حيث دأبت على الاستجابةأحيانابشكل سريع وسخي، لمطالب فئات متعددة من موظفي الدولة دون أن تشهر في وجوهها ورقة “الإصلاح الشمولي”، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حيث لم تقتصر على التمييز بين الفئات بل تعدته ليمتد إلى مكونات الفئة الواحدة بناء على الانتماء القطاعي في إطار ما يسمى “أنظمة أساسية قطاعية”,
الخلاصة
إن وضع هيئة المتصرفين داخل المنظومة الإدارية الموصوم بالتناقض والمفارقاتوالتفقير، نتج عنه تدني الوضع الاعتباريللمتصرفين كأطرعليا على عاتقها تدبير مصالح الدولة، كما نتج عنه تحول أغلب مكونات هذه الهيئة من الطبقة المتوسطة التي تشكل قوة إنتاج، وعامل تماسك واستقرارإلى الطبقة الأقرب إلى الهشاشة. ويرجع هذا الوضع إلى غياب إرادة سياسية حقيقية تجعل من إصلاح الإدارة ومعها منظومة تدبير الموارد البشرية العمومية قضية عمومية بين جميع الفاعلين وتنتقل من منطق التدبير الانتقائي التقليدي المتقطع والتجزيئي والخاضع للظرفيات وجماعات الضغط إلى مستوى التدبير الشمولي العقلاني برؤية بعيدة المدى والتأثير.
غياب هكذامقاربة جعل كل العمليات التكرارية للإصلاح تخضع للاقتطاع والتجزيءوالاختزال والتحكم المركزيوالمقاومة القوية لكل إجراء يمس السلطات القائمة وإمكانياتها. بالإضافة إلى سوء التنسيق بين القطاعات، بل حتى داخل القطاع الواحد، وضعف آليات الانجاز المشترك وهيمنة الشخصانية الإداريةوالبحث عن المصالح الذاتية للفئات المهنية. لذلك ظلت كل مقاربةللإصلاح تعيدما تم بدأه بنظرة مختصرة موغلة في الانتقائية والجزئية والرؤية البيروقراطية والحسابات التقنية والمالية المرتبطة مباشرة بكيفية تخليص الحكوماتمن مسؤوليتها العموميةوالسياسية لننتهي إلى إعادة إنتاج الفشل المدوي. هذا الفشل تترجمه الحيف الذي وقع ويقع على كثير من الهيئات المهنية بالوظيفة العمومية وموجات الاحتجاج المتكررة مع ما يصاحبها من تعطيل للمرافق العمومية والاحساس بالغبن لدى شرائح عديدة من الموظفين.
مطالب هيئة المتصرفين
إعادة صياغة النظام الأساسي للهيئة على غرار الأنظمة الأساسية للفئات المماثلة ووفقا للشروط التالية:
- إعادة هيكلة الهيئة بوضع درجة متصرف الدرجة الثالثة في طور الانقراض بالتسريع بوتيرة ترقيته للدرجة الثانية وإضافة درجتين جديدتين إلى المسار المهني؛
- الزيادة في الأجور وفقا لما هو معمول به لدى أطر هيئة كتابة الضبط
- تفعيل المقتضيات الخاصة بالمتصرفين حاملي شهادة الدكتوراه التي اقترحها الاتحاد في ملفه المطلبي
- إعادة صياغة مهام هيئة المتصرفين بما يتوافق مع التركيبة المهنية والمستوى التكويني للهيئة؛
- تمتيع كل المتصرفات والمتصرفين بأقدمية اعتبارية لا تقل عن ثلاث سنوات لتدارك التأخر الحاصل في تسوية وضعيتهم على غرار باقي الفئات؛
- وضع نظام لحركية المتصرفات والمتصرفين بكل القطاعات.