ينظم الفضاء الجمعوي اليوم المائدة المستديرة الثالثة تحت عنوان الثقافة والانخراط في العملية التنموية، وكما تمت الإشارة سابقا فإن هذه الموائد المستديرة التي تنظم بشراكة مع منظمة فريديريتشايبيرت وبتعاون مع الشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية للتنمية، تندرج ضمن برنامج الفضاء الجمعوي المتعلق بالعلاقة بين الثقافة والعملية التنموية، ويتميز هذا اليوم بانطلاق الحملة الأممية لمناهضة العنف ضد النساء، وبهذه المناسبة نؤكد انخراط الفضاء الجمعوي الدائم في الدفاع عن الحقوق الإنسانية للنساء واعتماده مقاربة النوع الاجتماعي كمقاربة عرضانية في جميع برامج واستراتيجياته.
وبالرجوع إلى موضوعنا فإن الانخراط في هذه الدينامية يرجع بالأساس إلى إيمان الفضاء الجمعوي بالدور الذي يلعبه القطاع الثقافي في أي عملية تنموية، حيث لا تستقيم الأولى بدون الثانية.، وبالتالي فلا تنمية ديمقراطية بدون ثقافة ديمقراطية مؤسسة على الايمان بالتعددية والاختلاف والحوار والبناء المشترك الذي لا يقصي الخصوصيات والاقليات كيفما كانت طبيعتها، دون الحياد عن مرجعيته في معالجة ثنائية الثقافة والتنمية هي مرجعية حقوق الانسان.
فنظرا إلى إن التراجع الذي يعرفه البعد الثقافي عامة والحقوقي في المجتمع وطنيا ودوليا، أثرا سلبا على استحضار هذا الأخير في العملية التنموية لدى الافراد والجماعات، ويتضح ذلك من خلال المنظومة التربوية والنظم التعليمية وكذا قنوات الاتصال السمعي البصري، ومواقع التواصل الاجتماعي وما رافقه من ابتدال وتسطيح في التعاطي مع القضايا الاستراتيجية، إن هذا الغياب أو التغييب لا يمكنه أن يتناول خارج ماهية الثقافة ودورها البنيوي وارتباطها بمفهوم التنمية كعملية هدفها الإنسان أولا.
لذا، يرى الفضاء الجمعوي ان أفقا بهذا الحجم يتطلب تظافر جهود مختلف الفاعلين من دوائر مختلفة، لأن الشأن الثقافي يعني المؤسسات والجماعات والافراد ويهم قطاعات مختلفة سواء في مجال التكوين والتربية والابداع، او الإنتاج والتسويق ، او الاشعاع والتحسيس. كما أن الشأن الثقافي يستدعي أيضا حضور تخصصات علمية ومقاربات مختلفة لتأطيره من جهة ولاستشراف افاق تطوره وابداع أليات احتضانه واستثمار دوره في البناء التنموي، لذلك لابد من انخراط النسيج الجمعوي في عملية ترافع من أجل وضع الثقافة في صلب أجندة التنمية المستدامة، وفي إطار ذلك يندرج هذا البرنامج الذي يسعى من خلاله الفضاء الجمعوي إلى إدماج كل الفاعلين ذوي الاهتمام وذلك من خلال ثلاث محطات للتفكير لابد من التذكير بها:
المحطة الأولى: علاقة الثقافة بالتنمية: مداخل تأطيرية
المحطة الثانية: الثقافة بالمغرب وأدوار الفاعلين
المحطة الثالثة: مجالات التأثير لتحويل الثقافة الى رافعة في العملية التنموية بالمغرب