يخلد المنتظم الدولي ومعه المغرب الأيام الأممية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات هذه السنة تحت شعار “اتحدوا !النضال من أجل القضاء على العنف ضد المرأة”،وهي فرصة ليستحضر فيها الجميع، لاسيما السلطات السياسية والقضائية والأمنية ومختلف الأطراف المعنية بالظاهرة، الحصيلة المرتبطة بالحماية من العنف ومناهضة التمييز ضد النساء بالمغرب.
واذ سبق لتحالف ربيع الكرامة أن ثمن قيام المغرب خلال أبريل 2022 بإيداع الصكوك المتعلقة بالانضمام إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة،فهو يسجل بعد مرور أزيد من 6أشهر عن هاته الخطوة غياب أي تفعيل سياسي وقانوني واجرائي لتلك المصادقة،وإن تحالف ربيع الكرامة ليعرب عن غضبه مما آلت إليه حقوق النساء والتراجعات التي عرفتها في ظل الأزمة الناتجة عن كوفيد 19 والجفاف والارتفاع المهول والمتزايد للأسعار وغلاء المعيشة والهجوم على الحقوق والحريات من جراء ترسانة قانونية تكرس التمييز وتشرعن للعنف، وآليات وبرامج وسياسات عمومية وترابية تعمق الهشاشة وتعزز اللاعدالة الاجتماعية.
وإن أبرز ما يشجع هذه التراجعات هو تغاضي الحكومة عن قضايا وهموم النساء واستثناء مطالب الحركة النسائية من جدول أولوياتها، مما ينم عن غياب إرادة سياسية حقيقية لإصلاح تشريعي ومؤسساتي ينبني على حظر التمييز وتجريم العنف والتكفل بضحاياه والحد من إفلات مرتكبيه من العقاب …؛
ويقف تحالف ربيع الكرامة بالخصوص عند:
– تدهور الأوضاع الاقتصادية للنساء، فحسب آخر تقرير للمندوبية السامية للتخطيط ل 2022، تعرض 3,2 شخص إضافي للهشاشة والفقر، أغلبهم نساء، وغياب آليات “الرعاية الاجتماعية” مما يدفع بالعديد منهن للبحث عن فرصة عمل خارج الوطن وتعريض حياتهن للخطر بركوب قوارب الموت أو الاستماتة للحصول على عمل بالخارج، يكفي أن نذكر بالفيديو المسرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الأسبوع الفارط من نواحي مدينة بلقصيري، الذي يعرض مشاهد مروعة تدين كافة السياسات الرسمية، لاسيما وأن عقد العمل لا يمتد إلا لبضعة أشهر في المزارع الاسبانية و في ظروف لاإنسانية.
– إستمرار تفشي العنف ضد النساء والفتيات بكل أنواعه وأشكاله سواء في الفضاء الخاص أو الفضاء العام، ونذكر على سبيل المثال قضايا التحرش الجنسي الذي تعرضت له العديد من الطالبات من طرف أساتذتهن، ما سمي بالجنس مقابل النقط، بمؤسسات جامعية بأكثر من مدينة. والاستغلال الجنسي والاغتصاب الذي تعرضت له الطفلة مريم في جماعة بومية بإقليم ميدلت، والذي نتج عنه حمل ثم إجهاض سري أدى إلى وفاتها في 8 شتنبر المنصرم.أو ما تعرضت له مجموعة من الفتيات من عنف جنسي وإهانة ومس بالكرامة وحد من الحرية حين قامت الشرطة بمداهمة مقهى بالدار البيضاء والقبض على كل مرتديه بتهمة الإفطار العلني، وقد تم فحص الفتيات من طرف شرطيات للتأكد من توفرهن على عذر شرعي يسمح لهن بالإفطار.
– على الرغم من بعض التدابير التي تم اتخاذها من طرف النيابة العامة للحد من ظاهرة تزويج القاصرات، إلا أنه قد تم، خلال سنة 2020، تسجيل إبرام 12600 عقود زواج لطفلات دون سن 18 سنة، مما يشكل عنفا ممارسا ضدهن، وخرقا صريحا لمقتضيات اتفاقية حقوق الطفل، ومساسا بحقوقهن الأساسية في الصحة الجنسية والإنجابية وفي التعليم وتكافؤ الفرص.
لذا، واعتبارا لما سبق، فإننا نسجل في تحالف ربيع الكرامة أن الجهات الحكومية المختصة تفتقد لرؤية واضحة للنهوض بحقوق النساء، وندعو إلى جعل تفعيل النموذج التنموي،فرصة للقضاء على التمييز والعنف ضد النساء وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال:
- نهج سياسة عمومية حقيقية مستجيبة للنوع الاجتماعي في جميع المجالات؛
- ملاءمة كافة التشريعات المحلية مع المواثيق الدولية وفي مقدمتها اتفاقية سيداو؛
- تعديل قانون 103-13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، وإصدار قانون شامل كفيل بوقاية النساء وحمايتهن من العنف، ومعاقبة المعنف والتكفل بالضحايا، وينص على العناية الواجبة للدولة؛
- تغيير جذري وشامل للقانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية بشكل يضمن حماية الحريات الفردية والكرامة الإنسانية للمرأة وضمان الأمن للمواطنين والمواطنات دون تمييز بسبب الجنس؛
- رفع التجريم عن الإجهاض الطبي وتنظيمه ضمن سياسة عمومية للصحة، تأخذ بعين الاعتبار البعد القانوني والبعد الصحي والبعد التربوي والتوعوي؛
- المصادقة على اتفاقية إسطنبول لمكافحة العنف ضد النساء؛
- المصادقة على الإتفاقية 190 للقضاء على العنف والتحرش في أماكن العمل؛
- تعديل شامل لمدونة الأسرة بما فيها منظومة المواريث، لضمان وصول النساء إلى الموارد والملكية على قدم المساواة مع الرجال ومكافحة كافة أشكال التمييز؛
- إنشاء هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز بصلاحيات وتشكيلة تضمن لها الفعالية والمبادرة.
25 نوفمبر 2022
تحالف ربيع الكرامة