ورقة تقديمية
تثير التغطية الإعلامية لقضايا الهجرة من طرف وسائل الإعلام المغربية والإسبانية جدلا مستمرا، ساهم في ذلك حركات الهجرة التاريخية بين البلدين، وحضورها كموضوع حساس يتأثر سريعا بالأجندة السياسية والاقتصادية لضفتي المتوسط.
عُرِفَ المغرب، كأول بلد مُصَدِّر للمهاجرينالذين استقروا بشكل قانوني في إسبانيا ووصل عددهم إلى 870 ألف مغربي يقيمون في شبه الجزيرةالإيبرية، إلا أن المعالجة الإعلامية لقضايا الهجرة في وسائل الإعلام الإسبانية والمغربية لا تخلو من الكليشيهات والصور النمطية عن السكان المهاجرين، وكذلك عن البلد المضيف، كما أن التناول الإعلامي يكون في غالب الأحيانمنحازا بسبب التاريخ الاستعماري لإسبانيا، والتطورات السياسية الأخيرة المرتبطة بعودة تعبيرات اليمين المتطرف وكراهية الأجانب في المشهد السياسي الإسباني.
ومن الظواهر الأقل تناولا على مستوى وسائل الإعلام، كون إسبانيا أيضًا بلدامُصَدِّرا للمهاجرين إلى المغرب، حيث يقدر عددهم بـ4000 إسباني، في رقم يبدو أقل مما يعكسه الواقع، خاصة وأن هذه الفئة استمرت في النمو على مر السنوات، ويشير صعود الثقل الاقتصادي لإسبانيا في الاقتصاد المغربي إلى وجود أقوى للعمال المهاجرين الإسبان على التراب المغربي.
والمغرب كبلد عبور للمهاجرين المتجهين إلى إسبانيا مَثَّلَ أيضًا موضوعا رئيسيا لوسائل الإعلام في كلا البلدين، وعلى الرغم من غياب إحصاءات دقيقة عن عدد هؤلاء المهاجرين، إلا أن هذه الفئة السكانية، مغربية كانت أم أجنبية، تستأثر باهتمام وسائل الإعلام في البلدين، وتميز هذان العقدان الأخيران بتبلور مواضيع إدارة الحدود ومكافحة الهجرة والوفيات في عَرضِ البحر.
وبالتزامن مع أكثر السنوات التي عرفت عددا من فواجع الهجرة غير النظامية (2004، و2006، و2021، و2022)، يغلب هذا الموضوع على المشهد الإعلامي في كلا البلدين، لكن سرعانما تعودالتغطية الإعلامية لقضايا الهجرة لسيرتها الأولى التي تشبه “وقائع النعي” بدلاً من التركيز على التحليل ووضع هذه الأخبار الدرامية في منظورها الصحيح. وفي هذاالسياق تُظهر المعالجة الإعلامية المخصصة لما وقع في الناظور ومليلية المحتلة حدود مثل هذا النهج.
في هذا السياق الدبلوماسي، تُوَاصل وسائل الإعلام المستقلة في كلا البلدين توعية الرأي العام حول العديد من القضايا المتعلقة بالهجرة، والتي تتناسب مع العلاقات التاريخية بين شعبي البلدين.
في هذه الصورة البانورامية للهجرة متعددة الأوجه، تنظم الشبكة المغربية لصحفيي الهجرات (RMJM) هذه الجلسة النقاشية لمحاورة الإعلاميين والأكاديميين وصناع القرار من البلدين حول المحاور التالية:
- ما هي مسؤوليات وسائل الإعلام لحماية الأشخاص المتنقلين بغض النظر عن وضعهم؟
- إلى أي مدى تجد وسائل الإعلام في البلدين توازناً بين مواقفها التحريرية ومسؤولياتها الأخلاقية في معالجتها لقضايا الهجرة؟
- كيف تمكنت وسائل الإعلام من التغلب على المطبات التاريخية لضمان معالجة متوازنة لقضايا الهجرة؟
- ما هي الصعوبات التي تواجهها وسائل الإعلام في تغطية قضايا الهجرة في البلدين؟
- لماذا تركز التغطية المتعلقة بالهجرة على “الهجرة غير النظامية”، مع إهمال مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة بالهجرة في الاتجاهين؟
- ما هي مسؤوليات الصحافيين ووسائل الإعلام في كلا البلدين لمواجهة تصاعد خطاب كراهية الأجانب؟ وما هي وسائل العمل لتحقيق ذلك؟
- ما هي الوسائل اللازمة لخلق تعاون بين وسائل الإعلام المستقلة في البلدين من أجل إعادة التوازن إلى شروط النقاش العام حول الهجرة؟