إقرارا منها بوجود تحديات كبيرةاستمرت رغم عقود من محاولات النمو والتقدم؛ تحديات تزداد تعقيدا وبوتيرة غير مسبوقة بفعل التغيرات الدولية والإقليمية وكذا الوطنية المتسارعة، لتبلغ حد الأزمات الوجودية.
وفي سياق ما يحتمه هذا الوضع من إطار مشترك وعمل ينبع من قناعة المصير الذي يشملنا جميعا لتحقيق التحول المنشود،جاء تشكيل “اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان” باعتبارها إطارا حقوقيا مستقلا يسعى إلى المساهمة في خلق دينامية جديدة في النقاش العام حول علاقة الدول بحقوق الإنسان وارتباطها بالتنمية المستدامة. وتتمحور هذه المساهمة من خلال المواقف التالية:
أولا -على المستوى الدولي:
- رفضها الكيل بمكيالين في التعامل مع قضايا متعلقة ببعض النزاعات الدولية، على غرار القضية الفلسطينية التي عمرت طويلا.
- رفضها منطق الحرب في حل النزاعات السياسية أو الاقتصادية، مع ضرورة الاحتكام إلى الأمم المتحدة في هكذا قضايا.
- دعوتها الاتحاد الأوروبي إلى مراجعة السياسات الأمنية الحاطة من الكرامة الإنسانية التي تنهجها بعض دوله في حق العابرين لحدودها – خاصة المهاجرين القادمين من أفريقيا- من إغلاق للحدود ومعاملة لاإنسانية وضرب واعتقالات وما ينتج عن ذلك من مآس ووفيات علىأبواب دول الاتحاد الأوروبي في صفوف المهاجرين، مما يحفز أنشطة شبكات المتاجرة في البشر.
- مطالبتها إقرار نظام عالمي تضامني وعادل لتحقيق التنمية في الدول الفقيرة والنامية، تتحمل فيه مسؤوليتها الدول المتقدمة والمستعمرة سابقا.
ثانيا -على المستوى الإقليمي:
- دعوتها دول المغرب العربي إلى إعادة إحياء النقاش حول بناء هذا التكتل لما فيه من خير للمنطقة وشعوبها عبر إعلاء المصلحةالمشتركة ونبذ الخلافات المفتعلة، والتي جعلت الدول المكونة لهذا التجمع تخلف موعدها مع التنمية.
- مطالبتها الفرقاء المغاربة من أصول صحراوية بالداخل والخارج وبمخيمات تندوف إطلاق مشاورات لتحديد صيغة للحكم الذاتي في إطار السيادة الوطنيةللمغرب، باعتباره مقترحا واقعيا يحقق التوافق، وينهي صراعا دام لعقود أعاق قطار التنمية لأبناء المنطقة على اختلاف مشاربهم، مع الدعوة إلى ضرورة وضع جدولة زمنية دقيقة لتنزيل ما تم التوافق بشأنه من أجل حسم هذا الخيار.
- دعوتها إلى تعزيز التقارب جنوب جنوب وخلق أقطاب إقليمية تعزز فرص التنمية المستدامة في إطار يحترم حقوق الإنسان.
ثالثا – على المستوى الوطني:
مطالبتها الدولة المغربية ب:
- تفعيل التزاماتها بخصوص عدد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وكذا الإسراع في المصادقة على باقي الاتفاقيات والمعاهدات التي لها علاقة بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية،والاجتماعية،والثقافية، والبيئية.
- تملك إرادة محاربة الفساد لما له من آثار سلبية على تحقيق التنمية في بلادنا، خاصة أنه أصبح مهيكلا، وتتمتع لوبياته بثقة وقوة لم يسبق أن عرفها المغرب من قبل.
- تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ومبدأ من أين لك هذا؟ وتفعيل مؤسسات الرقابة ودور المجتمع المدني الفاعل في تعزيز الشفافية والحق فيالحصول على المعلومة تحقيقا لدولة الحق والقانون.
- تحمل مسؤوليتها كاملة فيما يخص القطاعات الاجتماعية كالتعليم،والصحة،والتشغيل، والسكن.
- تحمل مسؤوليتها فيما يخص المحافظة وحماية القدرة الشرائية للمواطن عبر إقرار زيادات عامة في الأجور، وسن سياسات اجتماعية عادلة وشفافة وتضامنية، والحزم مع لوبيات المضاربة والاغتناء غير المشروع على حساب جيوب المغاربة.
- الدفع باعتماد الجهوية كخيار لتحقيق التنمية المجالية، والقطع مع المركزية في التسيير، وفتح المجال للتعبير عن الإرادة السياسية في تنزيل الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، مع تكثيف الجهود الدبلوماسية من أجل استرجاع كل من سبتة ومليلية والجزر الجعفرية إلى حوزة الوطن.
- العمل على تحقيق العدالة المجالية بتقليص التفاوتات الاجتماعية، الاهتمام بالعالم القروي، وتحفيز الابتكار الاقتصادي والاجتماعي.
- إطلاق حوار عمومي حول عناوين من قبيل؛ الحريات العامة، استقلالية الصحافة، الاعتقال التعسفي، المحاكمات الصورية،الاعتقالالسياسي… مع ربطها بدعوة اللجنة إلى إعادة تكريس المصالحة الوطنية التي سبق وأن ظهرت بوادرها مع مطلع تقلد الملك محمد السادس لعرش المملكة، مما سيساهم في تعزيز الجبهة الداخلية، ناهيك عن حمايتنا جميعا من انعكاسات التقلبات الدوليةخاصة في ظل هذا السياقالعالمي الخاص والدقيق.
- القطع مع تداخل وصاية قطاعات حكومية على عدد من المجالات، مما يعرقل تقدم عدة أوراش وطنية، على غرار الاستثمار في بلدنا بسبب غياب توحيد وتسهيل المساطر فيما يخص جلب رؤوس الأموال، أو خلقها لفرص الاستثمار، مع ضرورة تبني الوضوح والشفافية والمواكبة المنتجة لتحقيق تنفيذ برنامج تشجيع الاستثمار والمقاولة لفائدة الشباب.
- العمل على تحقيق الالتقائية فيما يخص البرامج الوطنية وربط تنزيلها أو تكاملها بالجيل الثالث للحقوق.
- إقرار سياسات عمومية مع الحرص على أجرأتها في الواقع من أجل التمكين الحقيقي للمرأة والطفل والأسرة وكذا فئة الشيوخ.
- العمل على تحقيق إدماج حقيقي للأشخاص في وضعية إعاقة ومن ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع، عبر تسخير وحث كلالمؤسساتالخاصةوالعامة على مأسسة توفير مناصب لهذه الفئة، مع تقديم كل أشكال الدعم لها خاصة فيما يتعلق بمحور المشاريعالمذرة للدخل.
- العمل على التنزيل الفعلي للولوجيات بكافة المؤسسات والمرافق العمومية والخاصة عبر تشريعات خاصة، مع إقرار آليات للتنزيل والمتابعة والمراقبة، وبما يواكبه من إجراءات زجرية في حق المخالفين.
- الاهتمام بمغاربة العالم وتبسيط المساطر عليهم بمصالح القنصليات، مع تقديم كل أشكال الدعم لهم عبر خلق مراكز استماع داخل السفارات والقنصليات بما يراعي حقوقهم المشروعة، ناهيك عن العمل على خلق جسور لهم مع وطنهم عبر تشجيعهم على الارتباط به من خلال وضع عروض وتخفيضات تفضيلية لهم، خاصة أثمنة الرحلات وكذا حثهم على الاستثمار ببلدهم عبر برنامج خاصبغية استقطابهم.
- العمل على التنزيل الفعلي للغة الأمازيغية كلغة رسمية أقرها دستور 2011 مع العمل على تعميمها في مختلف المجالات، وجعلهاواللغة العربية لغتين رسميتين دون غيرهما داخل كل المؤسسات والمرافق العمومية.
- تكريس المساواة بين الجنسين خاصة فيما يتعلق بضمان الحق في التعليم والتكوين المهني والتأطير، وكذا الولوج إلى سوق الشغل.
- المحافظة على البيئة، والتنزيل الفعلي للقوانين المرتبطة بها باعتبارها محورا أساسيا في تحقيق التنمية المستدامة.
- الحفاظ على المؤسسات والمرافق العمومية وعدم تفويتها للقطاع الخاص من أجل الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، وصون الحقوقوالمكتسبات التاريخية المرتبطة بعدد من القطاعات.
- تكريس المجهودات من أجل الحفاظ على التراث المادي واللامادي داخل المجالات الترابية القروية والحضرية.
- حث المصالح المركزية واللامركزية المسؤولة على قطاع التعمير وسياسة المدينة في سياق إعداد مخططاتها، أن تعمل على تحقيق النجاعة الطاقية داخل الحواضر، وذلك بتفعيل مقتضيات القانون 47-09، وخلق مدن وأحياء ذكية، ناهيك عن محاربة المدن العشوائية والسكن غير اللائق عبر هندسة فعلية للمجال الترابي من خلال رؤية مستقبلية واضحة المعالم.
- العمل على مواجهة كل أشكال المخاطر المحتملة سواء الطبيعية، الصناعية، الصحية أو التجارية عبر تأسيس لجان جهوية دائمة يكون فيها الفاعل الحقوقي هو الأساس.
- العمل على سن تشريعات متممة وأكثر جرأة من أجل تدبير أنجع لكل أنواع النفايات الصلبة والسائلة والغازية المرتبطة بجميع الأنشطة وخاصة النفايات الطبية.
هذا، وإذ تؤكد اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وهي تعلن مواقفها من عدد من القضايا الدولية أو الإقليمية أو الوطنية أنها منفتحة على الحوار والنقاش البناء مع الجميع، وأنها تعتقد أن القناعات يمكن تجويدها في هذا الإطار، بعيدا عن أي منطق شوفيني أو صدامي، وأنها تمد يدها بكل صدق وتعاون من أجل الدفع إلى تحقيق المشترك استنادا إلى مرجعية حقوق الإنسان، كما تؤكد أنها وفي سياق تنزيل قناعاتها أو ما ستسفر عنه نقاشاتها مع مختلف الأطراف، ستبادر بخلق جسور تواصل مع الجميع بالاستناد لكل السبل و الآليات القانونية الممكنة من قبيل اللقاءات المباشرة أو الشراكات المثمرة أو الندوات العلمية الرصينة وغيرها…
عن المكتب