انعقد المؤتمر الوطني الحادي عشر للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان أيام 27 و28 و29 ماي 2022 بقاعة الندوات بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط، تحت شعار” من أجل حماية وضمانات فعلية التمتع بحقوق الإنسان في ظل الأزمات“.
وقد تم التمهيد لأشغال المؤتمر بتنظيم ندوة موضوعاتية تتناول أوجه الحماية والضمانات الفعلية للتمكين من التمتع بحقوق الإنسان في زمن الأزمات، والتي شارك في تأطيرها مجموعة من الأساتذة الجامعيين والخبراء والفاعلين الحقوقيين، حيث أثيرت مجموعة من الإشكالات ذات الصلة بوضعية حقوق الإنسان في ظل الأزمات والأوضاع الاستثنائية، والتي شكلت كوفيد 19 إحدى نماذجها، وما ترتب عنها من تهديد لهذه الحقوق في ضمان ممارستها، مؤكدين على التزام الدولة بحماية هذه الحقوق وفق ما تنص عليه مواثيق حقوق الإنسان وتوجيهات المنظمات الدولية ذات الصلة.
وقد خلصت هذه الندوة إلى بلورة مجموعة من التوصيات المتعلقة بحماية حقوق الإنسان وضمانات التمتع الفعلي بها خلال فترة الأزمات آخذة بعين الاعتبار ما تم رصده من اختلالات خلال جائحة كوفيد 19.
وقد تميزت الجلسة الافتتاحية بكلمة رئيس المنظمة التي استعرض فيها رؤية المنظمة وتتبعها للتدابير المتخذة لمواجهة جائحة كورونا من منظور المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والمبادئ والتوجهات التي رصدتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان في هذا الصدد.
كما ذكر في البلاغات و البيانات والمناشدات والتنبيهات التي وجهتها المنظمة للسلطات العمومية من أجل ضمان احترام حقوق الإنسان بمناسبة تدابيرها المتعلقة باللائحة.
كما تميزت هذه الجلسة بكلمات الوفود الصديقة منها الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، المنظمة العربية لحقوق الإنسان، المنظمة الآسيوية الإفريقية لحقوق الإنسان، والفيدرالية الأورومتوسطية ضد الاختفاء القسري.
وفي إطار تكريس ثقافة الاعتراف، عرفت الجلسة الافتتاحية تكريم عدد من الشخصيات والفعاليات الحقوقية، حيث تم تكريم السادة: النقيب الأستاذ محمد الصديقي، والنقيب الأستاذ الطيب بن علي، والأستاذ إدريس أومحند، والأستاذ عبد القادر بوشخاشخ، والأستاذ إسماعيل عبد المومني، والأستاذ مسعود بعيش، والسيدة بيتينا غامبير، نائبة ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالمغرب.
وانطلقت أشغال المؤتمر في اليوم الموالي بانتخاب الأجهزة المسيرة للمؤتمر وهي لجنة رئاسة المؤتمر، ولجنة فرز العضوية، ولجنة الافتحاص المالي، ولجنة البيان العام، تم عرض التقريرين الأدبي والمالي من طرف المكتب التنفيذي، حيث جرى مناقشتها وبالمناسبة فقد تم التصويت عليهما بالإجماع. كما تم التصويت بالإجماع على مشروع التعديلات المقترحة على القانون الأساسي.
وقد تميز اليوم الثالث من المؤتمر بالمصادقة على لائحة أعضاء المجلس الوطني للمنظمة المكونة من 51 عضوا، المقترحة من وكيلها الأستاذ الحسن الإدريسي، الذي أصبح رئيسا للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان بقوة القانون، كما تمت بنفس الوقت المناقشة والمصادقة على مشروع بيان عام تطرق لأهم المستجدات الحقوقية، مبرزا الخلاصات الرئيسية للندوة الموضوعاتية.
وجاء في البيان أنه:
اعتبارا لمرجعية المنظمة المغربية لحقوق الإنسان المستندة على القيم الحقوقية والإنسانية الكونية،
واستحضارا للمضامين الحقوقية لدستور 2011،
واعتبارا لما حققته المنظمة عبر تجربتها من النضال الحقوقي على مدى أربعة وثلاثين سنة لإشاعة ثقافة حقوق الإنسان، والنهوض بأوضاعها، وحمايتها من الانتهاكات أيا كان مصدرها،
يسجل المؤتمر ما يلي :
أولا: على المستوى الدولي
يلاحظ تنامي التيارات السياسية المتطرفة بسبب تزايد أشغال الانغلاق الهوياتي بفعل السياسات الليبرالية المتوحشة، وما نتج عنها من ضحايا ودمار؛
تزايد ظاهرتي الهجرة واللجوء بسبب الأوضاع المتردية التي تعرفها عدد من دول الجنوب نتيجة النزاعات المسلحة والأثار المتناقضة والحروب (الحرب الروسية الأوكرانية)، وهو ما يحتم على المنتظم الدولي إيجاد حلول ناجعة لضمان حقوق المهاجرات والمهاجرين، واللاجئات واللاجئين في الكرامة الإنسانية والعيش اللائق؛
يدعو المؤتمر المنتظم الدولي لتفعيل مبادئ القانون الدولي الإنساني بخصوص النزاعات والحروب وإقرار تنمية مستدامة كفيلة بمعالجة سياسات الهشاشة والإقصاء الاجتماعي الناتجة عنها؛
يلاحظ الآثار الوخيمة الجائحة كوفيد 19 على ممارسة حقوق الإنسان والديمقراطية في العالم، ويدعو المنتظم الدولي لاتخاذ التدابير الملائمة حماية لهذه الحقوق، وتكريس الممارسة الديمقراطية؛
يلاحظ الممارسات التمييزية التي كشفتها الحرب الروسية الأوكرانية في تعاطي الدول الغربية مع منظومة حقوق الإنسان، وخاصة في مجال الهجرة واللجوء؛
يلاحظ التأثيرات الوخيمة المتزايدة على البيئة بسبب التغيرات المناخية، وعدم احترام المعايير الدولية ذات الصلة بحماية البيئة والحق في التمتع ببيئة سليمة وصحية. ويدعو المنتظم الدولي إلى اتخاذ التدابير الفعالة الكفيلة بضمان بيئة سليمة؛
يحث الدول الصناعية الكبرى على تطبيق قيم التضامن الدولي بدعم دول الجنوب في مواجهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية لكوفي 19، وإرساء دعائم تنمية مستدامة لضمان الحقوق الأساسية الاقتصادية والاجتماعية.
ثانيا: على المستوى الإقليمي
يدين المؤتمر وبقوة كل أشكال وصور انتهاكات القانون الدولي الإنساني المرتكبة في حقوق الشعب الفلسطيني، المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛
-يستنكر كل صيغ وأشكال التطور المتنامي للعنف والإرهاب وخطاب الكراهية والعنصرية في عدد من الدول؛
يدين كل أشكال الاستغلال الاقتصادي للنساء والأطفال والعنف الممارس بصفة خاصة تجاه النساء والفئات الهشة.
ثالثا: على المستوى الوطني
– يسجل المؤتمر الاختلالات البنيوية التي كشفتها جائحة كوفيد 19، والتي تعطل التمتع بممارسة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية، ويدعو إلى مراجعة السياسات العمومية لضمان وحماية الحقوق، خاصة في مجال الصحة والشغل والتعليم والسكن، آخذا بعين الاعتبار ما أبرزته الاختلالات المذكورة؛
– يرفض المؤتمر كل تهديد في ممارسة الحريات الفردية والجماعية ضدا على قيم حقوق الإنسان في الظروف العادية، وخلال فترة الأزمات؛
– يؤكد انشغال المنظمة ومتابعتها لوضعية معتقلي أحداث الحسيمة، والمعتقلين في علاقة بحرية التعبير، ويطالب مجددا بإطلاق سراح من تبقى رهن الاعتقال منهم؛
– يعبر عن انشغاله بمنهجية إعداد مشاريع منظومة القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، ومشروع رقمنة الإجراءات القضائية، مؤكدا على ضرورة إعمال معايير منظومة حقوق الإنسان، وفق ما عبرت عنه مذكرة المنظمة حول السياسة الجنائية، في هذا الصدد؛
– يؤكد مجددا على ضرورة تفعيل المبدأ الدستوري القاضي بسمو القانون الدولي لحقوق الإنسان، ملاءمة التشريع الوطني مع هذه المواثيق، بعيدا عن كل تمييز أو ادعاء بالخصوصية؛
– يصر على ضرورة التطبيق الفعال للقانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء وتوفير التدابير والإجراءات المصاحبة؛
– يسجل بانشغال كبير التزايد المهول في ارتفاع الأسعار وتدمير القدرة الشرائية للمواطنين، وتنامي معدل البطالة والفقر والهشاشة، ما يتطلب تفعيل آليات ومؤسسات المراقبة والمتابعة، كمجلس المنافسة وغيره من المؤسسات والأجهزة؛
– يؤكد على ضرورة ضبط تدابير المنافسة المشروعة، واعتماد قواعد الشفافية، ومراقبة الجودة والسلامة لحماية حقوق المستهلك؛
– يعبر المؤتمر عن قلقه واستنكاره للحصار الممنهج المضروب على سكان مخيمات تندوف، مؤكدا على مطالبته بفتح هذه المخيمات في وجه الآليات الدولية، خاصة تلك المتعلقة باللاجئين احصائهم وتوفير الحماية لهم؛
– كما يعبر عن إدانته لسياسة القمع والتنكيل وممارسات الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها السكان لاجئو هذه المخيمات.
وتأسيسا على ما سبق، فإن المؤتمر يدعو إلى :
- إقرار مبادئ السلم والأمن الدوليين، وفق ما هو مقرر في القانون الدولي من مواثيق وإعلانات، وبصفة خاصة إيقاف كل مظاهر النزاعات المسلحة المدمرة للحياة والكون، والمعطلة لحقوق الإنسان؛
- الإسراع بتصديق المغرب على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، وكذا التصديق على نظام روما المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية، وكذا اتفاقية مجلس أوروبا المتعلقة بالوقاية من العنف ضد النساء والعنف المنزلي ومكافحتهما (اتفاقية اسطنبول)؛
- التعجيل بإصلاح شامل للمنظومة الصحية والحماية الاجتماعية، بما يضمن التمتع التام الفعلي بالحق في الصحة والرعاية الاجتماعية؛
- ملاءمة القوانين الوطنية ذات الصلة بمجال الإعلام واستعمال وسائل التواصل الاجتماعي مع الاتفاقيات الدولية بهدف ضمان حرية الرأي والتعبير، وحماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية؛
- المراجعة الشاملة للمنظومة الجنائية بإعادة النظر في السياسة الجنائية و باستحضار المعايير الدولية، والمبادئ الدستورية ذات الصلة؛
- وضع حد لكل ممارسات التضييق التي يتعرض لها المجتمع المدني في تأسيس إطاراته، أو ممارسة أنشطته، و تحيين ومراجعة القانون المنظم للحريات العامة وفق المعايير الحقوقية والمقتضيات الدستورية؛
- تفعيل مبادئ وقواعد مقاربة النوع الاجتماعي والمقاربة الحقوقية في السياسات العمومية، مع استحضار ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية والعدالة المجالية، واعتبار كل ذلك مرجعا أساسيا بمناسبة سن التشريعات، وإعداد برامج مختلف الفاعلين؛
- ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لتدارك الآثار الاجتماعية الجائحة كوفد 19، وإعداد وسائل استباقية لضمان ممارسة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية خلال فترة الازمات؛
- التأكيد على إصلاح المنظومة التعليمية في إطار تفعيل وإشاعة التربية على حقوق الإنسان والتسامح والعيش المشترك؛
- ترسيخ النهج الإنساني في معاملة الأشخاص اللاجئين و المهاجرين وطالبي اللجوء، والإسراع في اعتماد قانون خاص باللجوء، وقانون خاص بالهجرة، بحيث تكون ضامنة لحماية والحقوق؛
- التسريع بتشكيل اللجنة النيابية لتقصي الحقائق حول ملف المواطنين المغاربة المطرودين من الجزائر سنة 1975 لممارسة مهامها في البحث والتقصي وإنصاف الضحايا وفق مبادئ القانون الدولي.