تخلد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إلى جانب كافة القوى الديمقراطية والحقوقية عبر العالم، اليوم العالمي للاجئين، الذي يصادف 20 يونيو من كل سنة، في ظل استفحال تدهور أوضاع اللاجئين/ات وطالبي/ات اللجوء الذين ازدادت أعدادهم بشكل مهول في السنوات الأخيرة، بسبب اتساع رقعة المناطق التي تشهد النزاعات والحروب، التي تحركها أو تغذيها التدخلات السافرة للقوى الامبريالية العالمية من أجل إجهاض الحراكات الشعبية المطالبة بالتغيير الديمقراطي أو من أجل دعم قوى الاستبداد والفساد والرجعية، وذلك في انتهاك صارخ لحق الشعوب في تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي؛ وهذا الوضع أجبر ويجبر الملايين من الأشخاص حول العالم، على الفرار من بلدانهم وطلب اللجوء خاصة من سوريا، والعراق، واليمن، وأفغانستان، وبورما، وبلدان من إفريقيا جنوب الصحراء، وأمريكا الوسطى… بالإضافة إلى استمرار معاناة ملايين اللاجئين/ات الفلسطينيين/ات في المخيمات في سوريا ولبنان والأردن؛ حيث يفتقدون لأدنى مقومات الحياة الكريمة.
ويشهد هذا العام ازديادا كبيرا وملحوظا في أعداد اللاجئين/ات والنازحين/ات حول العالم، فقد وصل عددهم الكلي إلى ما يقارب 70 مليون شخص، بينهم 25.4 مليون لاجئ وأكثر من 10 ملايين شخص بدون جنسية أو وطن، ممن لا يمتلكون حقوقهم الأساسية في التعليم والصحة وحرية التنقل. و حسب المفوضية العليا للاجئين، يعيش نحو 84 بالمائة منهم في البلدان ذات الدخل المتوسط أو المنخفض، عكس ما يتم الترويج له من مغالطات حول تدفقات المهاجرين/ات واللاجئين/ات الى الدول الغنية خاصة في أوربا، في محاولة من هاته الأخيرة للبحث عن كل السبل للتحلل من التزاماتها الدولية في حماية اللاجئين/ات ؛ وإبرام اتفاقيات مع دول خارج الحدود لتصدير ملف اللجوء إليها.
ويقابل تزايد مناطق الحروب والنزاعات المفتعلة٬ تزايد صعوبة الوصول للأماكن الآمنة، فمثلا تعرف منطقة أكدز بالنيجر وصول أعداد من الفارين من النزاعات والحروب لكنهم محاصرين مما يجبرهم إلى اللجوء الى ليبيا، حيث يتعرضون للاستغلال والمقايضة من طرف المجموعات المسلحة. كل ذلك بسبب الحدود المصطنعة التي فرضها التدخل والمقايضة في النيجر وعدد من الدول بدعوى توفير الشروط الأمنية.
وفي المقابل، فإن دول الاتحاد الأوربي لم تكتف بعسكرة الحدود وتشديد المراقبة عليها، واتخاذ اجراءات قانونية واعتماد آليات أمنية “مثل وكالة فرونتكس” وصرف ملايين الأوروات لمراقبة الحدود الخارجية، بل عمدت الى دفع دول الجنوب للعب دور الدركي لمنع اللاجئين والمهاجرين من المرور الى الضفة الشمالية، رغم ما يترتب عن ذلك من مآسي كل يوم، حيث يفقد الكثيرون حياتهم في عرض البحر أو يصبحون في عداد المفقودين، كما يؤدي بالعديد منهم الى السقوط بين أيدي المهربين أو في شبكات الاتجار في البشر أو سلك الطرق الخطرة التي تعرض سلامتهم البدنية والنفسية للعديد من المخاطر. وتزداد وضعية اللجوء بأوروبا ترديا بتعقيد مساطر طلبات اللجوء وإمكانية إرجاع طالبيه المحتملين إلى بلدانهم الأصلية بدعوى اعتبارها امنة٬ كما أن صعود التوجهات اليمينية المتطرفة في الكثير من الدول يسير في اتجاه التراجع عن مكتسبات برنامج « دوبلان » الخاص بمساطر اللجوء.
وفي بلدنا، تحيي الحركة الحقوقية المغربية اليوم العالمي للاجئين هذه السنة، في ظل استمرار الدولة في المماطلة والتسويف في إصدار قانون خاص باللجوء، وتنكرها لحق اللجوء، بالرغم من مصادقتها المبكرة على اتفاقية جنيف لسنة 1951، وانضمامها لبروتوكول 1967؛ إذ لا زال عدد اللاجئين/ات في المغرب محدودا جدا، بالإضافة إلى ضعف أو غياب الضمانات التي تحمي حقوقهم الأساسية؛ مما يجعلهم يعتمدون بشكل أساسي على الإعانات الهزيلة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين أو على بعض إمكانيات جمعيات المجتمع المدني، كما يتعرضون في الكثير من الحالات للعنف ولانتهاك حقهم في التنقل.
ومن ناحية أخرى، فإن سياسات دول الاتحاد الاوربي في مجال الهجرة واللجوء، طالت كذلك حقوق المواطنين المغاربة طالبي اللجوء عندما صنف بعض أعضائه، المغرب ضمن ما يسمى بالدول “الآمنة”، والذي بموجبه يتم ارجاعهم إلى البلد، في الوقت الذي يعاني فيه عدد من النشطاء من الحصار والمنع، ويعاني فيه العديد من والمواطنين/ات من الاضطهاد من جراء تضييق السلطات على حرياتهم الفردية والجماعية، أو يتعرضون للمضايقة بسبب معتقداتهم الدينية او توجهاتهم الجنسية المختلفة.
إننا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إذ نؤكد على ضرورة احترام كرامة وحقوق اللاجئين/ات وفقا لما هو منصوص عليه في القانون الدولي والمواثيق الدولية لحقوق الانسان خاصة اتفاقية جنيف والبروتوكول الملحق بها، نطالب بـــ:
– حماية اللاجئين/ات واحترام حقوقهم الأساسية، بما هو واجب والتزام دولي وإنساني يجب على جميع الدول التقيد به، ومعالجة قضايا اللجوء بعيدا عن المقاربة الأمنية الصرفة، التي لم تنتج عنها سوى المآسي؛
– حماية طالبي/ات اللجوء من كل أشكال الانتهاكات ومن الطرد والترحيل التعسفيين ومعالجة كل طلباتهم في آجال معقولة؛
– إقرار قوانين للجوء تتلاءم مع المواثيق الدولية ذات الصلة، وتحترم الكرامة الإنسانية والحقوق الاساسية للاجئين/ات، وتوفر لهم الحماية والأمان بعيدا عن المقاربة الأمنية؛
– وقف تصدير ملف المهاجرين/ات بشكل عام واللاجئين/ات بشكل خاص، إلى دول الجنوب من طرف دول الاتحاد الأوربي، ورفع كل أشكال العسكرة على الحدود، وتحمل مسؤولياتهم اتجاه اللاجئين/ات وإقامة بنيات للاستقبال فوق أراضيها تتوفر فيها كل الشروط الضرورية، والتراجع عن التصنيف الذي خصت به بعض البلدان باعتبارها “آمنة”، مع معالجة كل ملفات اللجوء بغض النظر عن بلد قدوم طالبي/ات اللجوء؛
– تيسير مساطر طلبات اللجوء في الدول الأوروبية وفقا لألتزاماتهم الدولية؛
– إغلاق مراكز احتجاز اللاجئين/ات خاصة الأطفال منهم والذين يسعون للحصول على اللجوء أو الهجرة، وتمكينهم من الوصول للخدمات الصحية والدراسية؛
– تحمل الدولة المغربية لمسؤولياتها في حماية اللاجئين/ات وفقا لالتزاماتها الدولية في هذا الشأن ،بدءا بإقرار قوانين للهجرة واللجوء متلائمة مع المواثيق الدولية ذات الصلة، ووقف كل الانتهاكات التي تطال حقوقهم/ات الأساسية وتوفيرالحماية لهم/ن؛
– ضرورة الرفع من مستوى التضامن من طرف القوى الديمقراطية، مع الضحايا من المهاجرين/ات واللاجئين/ات، في مواجهة تصاعد التيارات اليمينية المتطرفة، واتساع موجات العنصرية والتحريض على الكراهية اتجاه الأجانب، وفي مواجهة السياسات الرامية الى تجريم الهجرة واللجوء.
المكتب المركزي
18 يونيو 2019