تعتبر الدبلوماسية فنّا وعلما، وهي تعتمد على استراتيجيات، وتحتاج إلى تعبئة الموارد المتاحة من أجل مواجهة التغيرات التي تحصل على المستوى الدولــي. وقد شهدت تطوّرات شتّى، حيث قدّمت فــي البداية خدمات لفائدة العلاقات التجارية “التقليدية” مابين “دولاتية”.. ويبدو اليوم أن الدبلوماسية تعرف تَرَدّدات من أجل تدبير الأزمات وجذب الاستثمارات والإسهام فـــي الأمن والسلم الدوليين.
أدّت العولمة إلـــى تعميق التّنافسية فـــي الأسواق العالمية، والتوجه نحو اقتصاد لا يعترف إلاّ بعقيدة الربح، وبذلك أفرزت إكراهات أساسية بالنسبة لمختلف الفاعلين. وقد فرضت الفوارق بين محوري الشّمال والجنوب نتيجة تناقض مصالح الدول والشركات المتعدّدة الجنسيات، الخضوع على الدول، ما أفرز فجوات اقتصادية بين المحورين معاً.
ورغم التّنافسية الشّرسة، حقّقت الدول الصّاعِدة (الناشئة) مستويات هامة من النّمو. أما ما يعرف بدول باقــي العالم، فلم تستفد من الفرص التي أتاحتها العولمة التّجارية. فيما تمكّن محور الشّمال من فرض رقابة على المجال الاقتصادي. وأمام منطق الهيمنة والتأثير، رفض محور الجنوب وصاية القوى الكبرى. وعبّر عن مناهضة مناطق التبادل الحر وتحرير الأسواق..
وفـــي هذا السياق، صدر المؤلّف الجماعي تحت عنوان : “الدبلوماسية الاقتصادية ومناخ الاستثمار”، بمشاركة عدد من الباحثين والخبراء من المغرب وتونس والجزائر والبحرين ولبنان وساحل العاج، وبتنسيق من الأستاذين إدريس لكريني والحسين شكراني. وتركّزت محاور هذا المؤلف [350 صفحة من الحجم المتوسط، وباللغتين العربية والفرنسية]حول الفاعل والفعل فـــــي المجال الدبلوماسي، والدبلوماسية الاقتصادية بين تعزيز الاستثمار وتكريس الهيمنة، والاستثمارات الدولية وصراع الشّمال والجنوب، ودور الاستثمارات الدولية في تدبير الأزمات، والاستثمارات فــــي إطار التّعاون جنوب– جنوب، والقارّة الإفريقية فــــــــي سياق التنافس الدولـــــــي، ثم المغرب و رهانات الدبلوماسية الاقتصادية.