الرفيقات العزيزات، الرفاق الأعزاء،
تلتئمُ اليوم الدورةُ الرابعة للجنة المركزية، كمحطة سياسية أساسية، بعد مُضِيِّ ستةِ أشهرٍ على الدورة الثالثة، وقناعتُنَا عميقةٌ وعَزْمَنَا لاَ يَـــلِيــنُ، في الانتقالِ بِدَوْرَةِ حياةِ حزبنا إلى الصرامةِ في المسؤولية والنجاعةِ في الأداء، بالنسبة لكافةِ مستويات الحزب، بما في ذلك اللجنة المركزية
وسيرًا على ما تربينا عليه من قيمٍ ومنهج في هذا الحزب الذي يمتد تاريخُهُ النضالي المشرق إلى 76 سنة، فإننا لا نعتبر هذا التقريرَ مُجَــرَّدَ خِطابٍ عــابــر، كما لا نــتعاطى معه على أنه تأليفٌ انطباعي أو انفعالي يخضعُ لِــمِزَاجِ بعضنا مهما كانت مكانةُ أو مسؤوليةُ هذا البعض في حزبنا،،، بل إنه، كما كان دائما، وثيقةٌ مرجعيةٌ تركيبية بمثابة مُحَصِّلَةِ تأملٍ وتفكيرٍ وتبادلٍ جماعي لقيادة الحزب بوصفها مثقفا جماعيا عضويا وملتزما،،، وثيقةٌ تسعى إلى التحليلِ الملموس لواقعنا الملموس، بموضوعيةٍ وتجردٍ ووطنيةٍ صادقة،،، وتُحاولُ، قَدْرَ الإِمكان، أن لا تـكـتــفيَ بتحليلِ الأوضاعِ وتفسيرها، وإنما تسعى أيضا إلى تجاوزِ ذلك نحو الاضطلاع بالوظيفة الاستشرافية والبيداغوجية والتأطيرية.
وليس في ذلك أيُّ وجهٍ للغرابة، ما دام حزبُنَا كان ولا يزال وسيظل متمسكًا بقولِ كلمةِ الحق والجهر بها، والتنبيهِ إلى مكامن الخلـل في منظومتنا العامة، باستباقيةٍ واتزانٍ وتوازنٍ وصرامة، وبمسؤوليةٍ وجديةٍ ووطنية،،، لكن وأساسا باحترامٍ تامٍّ للمؤسسات وللدستور، هاجسُهُ الأولُ والأخيرُ الإسهامُ في تحقيق المصلحة العليا لوطننا وشعبنا.
إنَّ هذه المميزاتِ الجينية لحزبنا هي ما جعلَهُ ويجعلُهُ مُحَافِظًا على ذاته، متناغما مع هويته، نافعا لبلده، معتزا بصواب ووجاهة مواقفه، بثقةٍ وتواضعٍ متلازمين
هذا هو قَدَرُنَا في حزب التقدم والاشتراكية، ولَــوْ أنَّ المواقعَ التي نَحْتَـلها في البناء المؤسساتي لوطننا، لا تُسْعِـفُــنَــا دائما وبالقدر الكافي للأسف على تجسيدِ كافةِ أفكارنا وتصوراتِنَا وترجمتِهَا إلى قوةٍ أكثرَ دفعًا وتأثيرًا.
لكن، في نفس الوقت، فليسَ كُلُّ شيءٍ يُقاسُ بالأحجام والأرقام وثقافةِ الاستعراض،،،، فاقتراحاتُنا ومواقفُنا وتوجهاتُنا التي سنستمر في حَمْلِهَا والسيرِ عليها، تجد لها، لحسن الحظ، أصداءً طيبةً وتفاعلا يدعو للاعتزاز، في أوساطَ مختلفةٍ، لا سيما لـدى عقلاءِ هذا الوطن المَسْكُونِينَ بهاجسِ مصلحتِهِ العامة دون غيرها.
ذلك ما يُثـلـج صدرَنَا ويـمنحـنا شحنةَ أملٍ قويةٍ في أَنَّ وَقْعَ مَقُولاَتِنَا السياسيةِ الصادقة يُمْكِنُ أن يكونَ له إسهامٌ، بقدرٍ ما، في مجرياتِ الأحداثِ وتطوراتِ الأوضاع، وفي القراراتِ التي يمكن أنْ تُــتَّخَذَ لفائدةِ وطننا وشعبنا.
وقبل الشروع في تناول القضايا المتصلة براهنية أوضاعنا العامة، من المهم جدا التأكيدُ على أنَّ قضيةَ وحدتِنَا الترابية تُجَسِّدُ مَرْكَزَ اهتمامِ حزبِنا الذي ما فَــتِــئَ يُومِنُ بأنَّ تمتينَ الجبهةِ الوطنية الداخلية، والتقدمَ في المجالات الاجتماعية والديمقراطية والاقتصادية، لَـهُـمَا العامِلانِ الأكثرُ حَسْمًا في معركة تثبيتِ هذه الوحدة، على أساسِ مقترح الحكم الذاتي بالنسبة لأقاليمنا الجنوبية،،، وكذلك في ما يتصل باستكمال هذه الوحدة عبر استرجاع سبتة ومليلية والجزر الجعفرية المُستعْمَرَة،،،، وهو المنطقُ الذي لا يتعارض أبدا مع ضرورة مواصلةِ بلادنا لجهودها السياسية والديبلوماسية على هذا الصعيد الهام، حيث في هذا السياق لا بد لنا، ونحن نـستـقـرئُ القرارَ الأخير لمجلس الأمن الدولي رقم 2468 ليوم 30 أبريل 2019، أن نسجل ما تضمنه من عناصرَ إيجابيةٍ في مُجْـمـلها