تقديم:
تعتبرقضيةالمهاجرينالمنحدرينمندولأفريقياجنوبالصحراءمنالقضاياالتيأصبحتتحظىبحيزمنالاهتمامداخلأوساطالمجتمعالمغربي. وقدتعززهذاالحضورمعالتحولالذيعرفتهبنيةاستقبالالمهاجرينبالمغرب،منذأوائلالقرنالحاديوالعشرين،إذتحولتالبلادمنمنطقةعبورإلىبلداستقبالواستقرارللمهاجرين.
لقداعتبرالموقعالجغرافيللمغربواحدامنالعواملالمغريةللمهاجرينالأفارقةالمنحدرينمنمنطقةالساحلوجنوبالصحراء،للعبوربطرقغيرشرعيةإلىأوروبا،كحلللهروبمنويلاتالحروبوالاضطهادوالفقروالأزماتالمتعددةالتيتعرفهاهذهالبلدان.
ولتدبيرالتغيراتالتييعرفهامجالالهجرة،بلورالمغربسنة 2013 الاستراتيجيةالوطنيةللهجرةواللجوء،والتيترتكزعلىرؤيةإنسانيةوتحترمحقوقالمهاجرينوحرياتهم. ممامكنمنإعطاءانطلاقةمجموعمنالبرامجوالعملياتمنقبيلتسويةالوضعيةالقانونيةللمهاجرينغيرالشرعيينوتمكينهممنالولوجالىالخدماتالاجتماعيةوالتربويةوالطبيةوالاقتصاديةوذلكعلىغرارباقيالمواطنينالمغاربة.
وفيغيابمعطياترسميةمحينةحولعددالمهاجرينالمنحدرينمنأفريقياجنوبالصحراءوالمقيمينبالمغرب،بالنظرلطابعهمالمتنقلوغيرالقانوني،فقدقامالمغرببتسويةالوضعيةالقانونيةلحولي 50.000 شخصخلالسنتي 2014 و2018،كماانالتقديراتغيرالرسميةتشيرإلىوجودأكثرمن 30.000 مهاجرغيرشرعيينتظرونالفرصةللمرورالىأوروبا،معالتأكيدأنعددالطلبةالمهاجرينالمسجلينبالجامعاتوالمدارسالمغربيةقدوصلخلالالموسمالجامعي 2022-2023 الىحوالي 19.256.
ومواكبةمنهماللتغيراتالتييعرفهاالمغربكبلدمستقبلللمهاجرين،ومنأجلالتعرفعلىانطباعاتوتصوراتالمغاربةحولالهجرةوالمهاجرينالمنحدرينمندولأفريقياجنوبالصحراء،أجرىالمركزالمغربيللمواطنةوالعصبةالمغربيةللدفاععنحقوقالانساناستطلاعاللرأيفيالموضوع.
المنهجية:
اعتمدإنجازهذاالاستطلاععلىاستمارةإلكترونية،تمتوزيعهاعلىالمشاركينالمحتملينمنخلالوسائطالتواصلالاجتماعيخصوصاالفايسبوكوالواتساب.
أنجزالاستطلاعفيالفترةالممتدةمابين 16 فبرايرو3 مارس 2023،وعرفمشاركة 3158 شخصمنجميعجهاتالمملكةوكذامغاربةالخارج.
تتكونالعينةالمشاركةفيالاستطلاعمننساءورجالوفئاتعمريةمختلفة،قبلوابشكلتطوعيالمشاركةمنخلالملأالاستمارةالالكترونيةالتيتوصلوابها،معالتأكيدعلىأنهمنالمنظورالعلمي،فإنالنتائجالمحصلعليهالاتمثلوجهةنظرالرأيالعامالمغربيفيهذهالقضية،بقدرماتعكسفقطآراءالمشاركينفيهذاالاستطلاع.
وصلتنسبةمشاركاتفيهذاالاستطلاعإلىنسبة 22,9 % ،كمابلغتمشاركةالرجالنسبة 77,1 % منمجموعالمشاركين.
أظهرتالنتائجالمستقاةمنخلالهذاالاستطلاعأننسبةالمشاركينالذينتقلأعمارهمعن 30 سنة،قدبلغتنسبة 46.7 %،فيحينتحددتنسبةالمشاركينالذينتتراوحأعمارهممابين 30 و40 سنةفينسبة 25.9 %،و 13,3 % لأولئكالذينتتراوحأعمارهممابين 40 و50سنة،وهيتقريبانفسالنسبةالتيوقّعتعليهاالفئةالعمريةالمشاركةفيالاستطلاعالذينتزيدأعمارهمعن 50 سنة،إذاستقرتفيمساهمتهابنسبة13,8 %.
يشكلالمشاركونذووالمستوىالتعليميالجامعينسبة 76,9 % والمستوىالثانويبنسبة 12,3 %،أمابالنسبةلمستوىالتكوينالمهنيفقدبلغتمشاركتهمنسبة 7,6 %.فيحينمثلالمستوىالابتدائي-الاعداديبنسبة 3,1 %.
62,4 % منالمشاركينيتوفرونعلىأحدأقاربهم (آباءأوأبناءأوإخوة)ضمنالمغاربةالمقيمينبالخارج.
السياق :
تزامنإنجازالاستطلاعمعمجموعةمنالأحداثالإقليميةوالوطنيةالمرتبطةبشكلمباشربموضوعالهجرةولاسيمابالنسبةللمهاجرينالافارقةالمنحدرينمنجنوبالصحراء:
- ظهوربعضالمجموعاتضمنشبكاتالتواصلالاجتماعيتتبنىخطاباتالعنصريةوالكراهيةمنقبيلالدعوةالىعدمتوطينالمهاجرينوعدمتزويجهممنالنساءالمغربيات. غالبيةأعضاءهذهالمجموعاتمنمجهوليالهوية.
- انتشارمقاطع”فيديو” لبعضالأفارقةمندولجنوبالصحراءتتضمنخطاباتعنصريةضدسكانشمالإفريقيا،مدعيةأنأراضيهذهالمنطقةتخصالافارقةمنجنوبالصحراء.
- انتشارمقاطع”فيديو”لممارساتبعضالمهاجرينخصوصاًبمنطقةولادزيانبالدارالبيضاء،والتيتظهر”احتلال” هذاالفضاءالعموميمنطرفهم،وفيغيابأيتدخلللمجالسالمنتخبةالتيفضلتلعبدورالمتفرج.
- تصريحرئيستونسفي 21 فبراير 2023 المتبنيلحمولةعنصريةضدالمهاجرينالافارقةالمقيمينفيتونسوالذياستنكرمنخلالهتدفق “جحافلالمهاجرينغيرالنظاميين” منإفريقياجنوبالصحراء،مؤكداأنهذهالظاهرةتؤديإلى “عنفوجرائم”،وحيثزعمقيسسعيدمنخلالهاإلىماأسماهبـ “ترتيبإجراميتمإعدادهمنذمطلعهذاالقرنلتغييرالتركيبةالديموغرافيةلتونس”،هذاالتصريحقوبلبالرفضمنطرفالاتحادالافريقي،وعددمنالمنظماتالحقوقيةوالنخبالسياسيةفيالمنطقةالمغاربيةوفيإفريقيا.
اهم النتائج:
- يعتقد 86% من المشاركين في الاستطلاع أن تزايد عدد المهاجرين سيصبح إشكالية يعاني منها المغرب في المستقبل.
- قدم 59 % من المشاركين مساعدات مالية مباشرة للمهاجرين المقيمين بالمغرب.
- لا يمانع 44% من المشاركين في أي يصبح المغرببلداستقبالللمهاجرينالأفارقةمنجنوبالصحراء، حيث يقبل 37 % منهم بشروط. في حين أن 55 % يرفضون أن يتحول المغرب الى بلد استقبال.
- لا يوافق 66% من المشاركين على أن يصبح المغرب بديلا للإقامة الدائمة للمهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء الذين لم يتمكنو من الولوج الى أوربا ولا يرغبون في العودة الى بلدانهم الأصلية، في حين أن 25 % يوافقون على ذلك بشروط.
- يرفض 72% من المشاركين لعب المغرب دور دركي حدود لصالح أوربا، من أجل منع دخول المهاجرين الى المجال الأوربي، في حين أن 18 % يوافقون لكن بشروط.
- يرى 87% من المشاركين وجوب تعزيز مراقبة الحدود المغربية لمنع ولوج مهاجرين آخرين الى المغرب، في حين أن 7 % لا يرغبون في ذلك و7 % بدون رأي في الموضوع.
- يشدد 67% من المشاركين على فكرة كون دول الجوار وخصوصا الجزائر تتساهل مع دخول المهاجرين إلى التراب المغربي، في حين أن 10 % يرون العكس و23 % بدون رأي.
- حصر المشاركات والمشاركون معقيات الاندماج في المجالات التالية: المعيقات الاقتصادية (22,2 %) والاجتماعية (20,9 %) والثقافية (20,1 %) والدينية (15,2 %) واللغوية (15,1 %) ومعيقات اخرى (6,6 %).
- بناءً على النتائج، يتضح أن مشاركة الفئة العمرية دون 30 عامًا تظهر بعض مؤشرات ارتفاع منسوب عدم التسامح لديها تجاه المهاجرين مقارنة مع باقي الفئات العمرية المشاركة في الاستطلاع، تتجلى هذه المؤشرات في النتائج التالية:
- رفض 53% من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا تمكين المهاجرين من الولوج الى الخدمات الاجتماعية من قبيل الصحة والتعليم، في حين أن هذه النسبة لا تتجاوز 26% بالنسبة لباقي الفئات العمرية.
- 58% من المشاركين دون 30 سنة لا يقبلون بإدماج المهاجرين كمسـتخدمين أو عمال في المقاولات والشركات بالمغرب في حين أن هذه النسبة لا تتعدى 32 % لدى الفئات العمرية الأخرى.
- 58 % من المشاركين دون 30 سنة لا يقبلون أن يجاورهم في السكن مهاجر، مقابل 37 % لدى الفئات العمرية الأخرى.
- قدم 70% من المشاركين الذين يتجاوز عمرهم 30 سنة مساعدات مادية للمهاجرين مقابل 46 % فقط بالنسبة للأشخاص دون 30 سنة.
- يرى 79% من المشاركين دون 30 سنة أن العدد الحالي للمهاجرين بالمغرب مرتفع في حين أن هذه النسبة تنخفض إلى 59 % لدى باقي الفئات العمرية الأخرى.
- يعتقد 71% من الفئات العمرية التي تقل عن 30 سنة، أن المهاجرون يساهمون في ارتفاع نسبة البطالة لدى الشباب، في حين أن هذه النسبة تصل إلى 48 % لدى باقي الفئات العمرية.
الخلاصات
- من خلال المعطيات السابقة يتأكد أن المغرب، وعلى غرار باقي الدول المتواجدة ضمن مسارات الهجرة نحو أوروبا، ليس الوجهة المستهدفة للمهاجرين في مشروعهم التنقلي، بل يعتبر أحد البوابات المتاحة أمامهم للمرور نحو “الفردوس الأوروبي”. هذا “الباب” المغربي يعرف التشديد في إجراءات المراقبة الحدودية، مما يضع المهاجرين في وضعية “مهاجرون فرض عليهم الاستقرار في المغرب“. أمام ثلاث حالات :
- الاستقرار المؤقت في انتظار الفرصة المناسبة وانتظار الدور للعبور الى أوروبا
- الاستقرار النهائي والإندماج في النسق الاجتماعي المغربي
- العودة الى بلدانهم الاصلية مستفيدين من الدعم المخصص لذلك.
- تبوث المسؤولية التاريخية للدول الأوربية “الاستعمارية” في الوضعية الحالية الهشة للقارة الافريقية نتيجة استغلال ثرواتها من طرف المستعمر في تنمية بلدانها، ومسؤوليتها في العديد من الأزمات التي تعرفها القارة الأفريقية، وغياب إرادة حقيقية لجبر الضرر وتنمية القارة.
- المقاربة الأمنية التي تتبناها الدول الأوروبية والمبنية على التشدد في المراقبة والإغلاق الحدودي والتجريم القانوني للهجرة لم تنجح في تقليص أعداد المهاجرين غير الشرعيين، كما أن تجاهل الأسباب الأساسية والدوافع الحقيقية للهجرة غير الشرعية، من قبيل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المهاجرون، حد من نجاعة السياسة الاوربية في المجال، وأكد على أن هذه السياسية تهدف أساسا إلى تصدير إشكالية تدبير الهجرة الى بلدان العبور وتحويلها الى بلدان الاستقبال المؤقت او النهائي للمهاجرين غير الشرعيين.
- هناك تنامى خطابات الكراهية لدى الشباب (أقل من 30 سنة) والبعيدة عن قيم التسامح التي يتميز بها الشعب المغربي، وهي الظاهرة التي يمكن تفسيرها بما يلي من أسباب:
- ردة فعل ضد الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهونها خصوصا البطالة المنتشرة بين الشباب، حيث أن العديد من التعليقات المرافقة لمنشور الاستطلاع على مستوى الفيسبوك تم التعبير عنها بشكل مباشر، وبحسابات فيسبوكية مكشوفة الاسم و الهوية، مع التأكيد على أن البعض من تلك التعليقات كانت قاسية أو محرضة على الكراهية.
- موقف بغض الشباب المغربي، جاء كردة فعل ضد خطابات بعض المهاجرين الذين يدعون أن شمال إفريقيا هي للأفارقة من جنوب الصحراء. بحيث ان العديد من هؤلاء الشباب برر موقفه المتشدد بتطرف خطاب بعض المهاجرين.
- استحضر العديد من المشاركين أطروحة كون المغرب بلد مصدر للمهاجرين ويتوفر على جالية مهمة في الخارج، وبالتالي وجب معاملة المهاجرين المقيمين بالمغرب بنفس الطريقة التي يريد المغاربة ان تعامل بها جاليتهم بالخارج.
- أتاح التعامل السطحي لبعض المجالس المنتخبة مع مشكلة احتلال المهاجرين للفضاءات العامة في مناطق حساسة، مثل منطقة أولاد زيان بالدار البيضاء، فرصة لرافضي الهجرة لتشويه صورة المهاجرين وتخويف المغاربة من خطر الهجرة، وقد ساهم كذلك ضعف التعامل مع ظاهرة التسول المنظم في بعض المدن في نشر صورة سلبية عن المهاجرين بين المغاربة.
- رغم ترحيب العديد من المغاربة بالمهاجرين على أرض المغرب للاستقرار والعيش فيه، إلا أنهم يطرحون مجموعة من الأسئلة بخصوص قدرة المغرب على تلبية حاجيات شبابه، فما بالك بهذا العدد من المهاجرين المفروض عليهم الاستقرار بالمغرب دون إرادتهم.
- مسؤولية تدبير مسألة الهجرة لا يجب أن تنحصر فيالحكومة فقط بل هي مسؤولية مشتركة بين الفاعلين العموميين والجمعويين والاقتصاديين والاعلاميين، نحو ضمان الحماية الاجتماعية للمهاجرين وإدماجهم في النسيج الاقتصادي الوطني وتحسين عملية ولوجهم إلى الخدمات العمومية.
التوصيات
- ضرورة مراجعة دور الدركي الذي يقوم به المغرب، خاصة وأن هذا الدور وبالقدر الذي يريح أوروبا من أعباء اقتصادية واجتماعية وحقوقية، فهو يثقل كاهل المغرب على جميع هذه الأصعدة ويقوض مجهوداته السابقة ويرهن مستقبل تدبيره لظاهرة الهجرة، وإضافة إلى كل هذا وذاك، فهو يساهم، باستمراره في أداء دور دركي الهجرة، في تنامي ظاهرة العنصرية ويغذي معضلة التحريض على الكراهية.
- ضرورة التعامل الحذر مع تحول موضوع الهجرة إلى أداة جيو-استراتيجية للضغط والابتزاز من قبل دول الشمال على دول الجنوب، بغرض تحويلها إلى دركي في مجال محاربة الهجرة غير النظامية دون النظر إلى العوامل التي تفرض هذه الظاهرة، مثل ضعف التعاون الدولي في مواجهة تجارة البشر، والأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تحفز تدفق الهجرة غير الشرعية، والتي تقع مسؤولية تنظيمها على كافة الدول بصفة مشتركة ما بين دول المنشأ ودول العبور ودول الاستقبال.
- ضرورة العمل على عدم ظهور نقط بؤرية تعطي الانطباع على أن هناك احتلال لبعض الأماكن العمومية من طرف المهاجرين خصوصا في المجال الحضري.
- العمل على نشر قيم التسامح والعيش المشترك وثقافة حقوق الإنسان، مع ضرورة إشراك هيئات المجتمع المدني في السياسات العمومية الهادفة الى إدماج المهاجرين من جنوب الصحراء.
- دعوة المؤسسات الوطنية من برلمان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الانسان إلى تقييم السياسات العمومية المعتمدة في مجال الهجرة وذلك ضمن اختصاصاتها الدستورية.
- العمل على إقرار قانون يجرم كل أشكال التمييز والعنصرية تماشيا مع الدستور ومع التزامات المغرب الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان.
للتواصل :
- رشيد الصديق، رئيس المركز المغربي للمواطنة – 0661377144
- عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان – 0661121579