مذكرة حزب التقدم والاشتراكية
حول إصلاح المنظومة العامة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب لسنة 2026
28 غشت 2025
الإطار السياسي العام للمذكرة
يَتَقَدَّمُ حزبُ التقدم والاشتراكية بمذكرته المتعلقة بالمنظومة العامة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب، في سياق المشاوراتِ السياسية ذات الصلة، التي شكَّــــــلَت موضوعَ توجيهاتٍ ملكية سامية إلى السيد وزير الداخلية، في خطاب الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش المجيد.
وإذ يُقَدِّمُ الحزبُ مساهمته الاقتراحية هذه، فإنه يُشيدُ عاليًّا بحرص جلالة الملك على الإعداد الجيد لإجراء الانتخابات التشريعية لسنة 2026 في موعدها الدستوري، على أساسِ منظومةٍ عامة مُتشاورٍ بشأنها، معروفةٍ ومعتمَدَةٍ قبل نهاية السنة الجارية 2025.
ويتطلعُ الحزبُ، انطلاقاً من الدلالاتِ الديمقراطية القوية لهذه التوجيهات الملكية، إلى أن تُـــفْضِـــيَ المشاوراتُ، التي انطلقت فعلاً وفوراً بإشرافٍ من وزارة الداخلية، إلى إفراز إصلاحٍ عميقٍ وفِعلي للمنظومة الانتخابية، بما يجعل من انتخابات 2026 محطةً سياسية مُـــــمَيَّـــــزَة ولحظةً وطنية يتصالِحُ فيها المغاربةُ مع الفضاء السياسي والمؤسسات المنتخبة، وتُعزز الشعور بالانتماء للوطن، وتُفرزُ مجلسًا للنواب يضطلع بفعالية وكفاءةٍ بمهامه الدستورية، وحكومةً سياسية قويةً ومسؤولةً، ذات مصداقية وقادرةً على إنتاج البدائل وإبداع الحلول لمشاكل المغرب والمغاربة.
كما يتطلعُ الحزبُ إلى أنْ ينبثق عن هذه المشاورات إصلاحٌ حقيقي يُسهم في تحسين نموذجنا الانتخابي، تشريعًا وتنظيمًا وإجراءً ومُمارسةً، وبالتالي في توطيد وتطوير مسارنا الديمقراطي والتنموي الوطني، وفي تمتين صرحنا المؤسساتي الذي يضطلع فيه مجلسُ النواب باختصاصاتٍ حيوية على مستوى التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، فضلاً عن دوره في الديبلوماسية البرلمانية.
في هذا الإطار، يُـــــنَـــــوِّهُ حزبُ التقدم والاشتراكية بالأجواء الإيجابية والواعدة التي مرَّ فيها لقاءُ السيد وزير الداخلية مع قادة الأحزاب السياسية، يوم السبت 02 غشت 2025، ولا سيما من حيثُ ما تمَّ التأكيد الرسميُّ عليه من عزمٍ على تنظيم انتخاباتٍ تشريعية نزيهة، ذات مصداقية، تُـــعَبِّرُ عن الإرادة الشعبية الحرة، وتنبثق عنها مؤسساتٌ تحظى بالشرعية وبالاحترام؛ ومن عزمٍ على التصدي لكل الممارسات المسيئة التي تمسُّ بالعملية الانتخابية؛ مع ما يستلزمُ ذلك أيضاً من حيادٍ إيجابي للإدارة ومن مسؤوليةٍ للأحزاب السياسية في انتقاء مرشحين ذوي كفاءة ونزاهة.
إنَّ حزبَ التقدم والاشتراكية ينطلقُ، في تقديم مقترحاته، أساساً من الوثيقة الدستورية التي تَجعل وفاءَ بلادِنا لاختيارها الديمقراطي ثابتاً جامعاً للأمة لا رجعة فيه، إلى جانب الدين الإسلامي والوحدة الوطنية والــــمَـــلَـــكِــــية الدستورية، مع ما يقتضيه ذلك من مواصلة بناء مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، في كَـــــنَــــفِ نظامٍ دستوري يقوم على أساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها وعلى الديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
في هذا الإطار، ترتكزُ رؤية حزب التقدم والاشتراكية لإصلاح منظومة انتخابات أعضاء مجلس النواب على المقتضيات الدستورية، ولا سيما تلك التي تنصُّ على أن السيادة للأمة، تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها الذين تختارهم بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظِم، مع اعتبار التصويت حقًّا شخصياًّ وواجباً وطنياًّ؛ وعلى أنَّ الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي؛ وعلى تلك المقتضيات التي تجعل من القانون أسمى تعبيرٍ عن إرادة الأمة، والجميعُ متساوون أمامه وملزمون بالامتثال له. كما ترتكز هذه الرؤيةُ على واجب السلطات العمومية في توفير الظروف التي تُمكِّنُ من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين ومن مشاركتهم في الحياة العامة.
ولأن الأحزاب السياسية هي شرطٌ وُجُوديٌّ للديمقراطية، فإن حزبَ التقدم والاشتراكية يُؤسِّسُ رؤيتَهُ السياسية الديمقراطية إلى المجال الانتخابي، كذلك، على الأدوار التي أناطَ بها الدستورُ هذه المؤسسات، وخاصة من حيثُ تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية وفي تدبير الشأن العام؛ ومن حيث المساهمة في التعبير عن إرادة الناخبين والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية.
وبالمناسبة، يؤكد الحزبُ على ضرورة أن تتقيد المقاربة الحكومية، في بلورة الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية المندمجة الذي دعا إليه جلالة الملك، بالمقتضيات الدستورية ذات الصلة باختصاصات الجماعات الترابية، ومبادئ تدبيرها، وبمكانة اللامركزية والجهوية، ترسيخاً للاختيار الديموقراطي وتثميناً للعمل السياسي الجاد وإقراراً بالجدوى من الانتخابات.
ويستحضرُ الحزبُ، أيضاً في سياق التحضير لانتخاب أعضاء مجلس النواب، المقتضياتِ الدستورية التي تُـــــلْزِمُ السلطاتِ العمومية بالحياد التام إزاء المترشحين وبعدم التمييز بينهم، مع إعمال الإنصاف بينهم، وكذا إقرار العقاب القانوني على كل شخصٍ خالف المقتضيات والقواعد المتعلقة بنزاهة وصِدق وشفافية العمليات الانتخابية.
كما يقف الحزبُ عند ما ينصُّ عليه الدستور من حقوقٍ انتخابية للمغاربة المقيمين بالخارج؛ ومن مساواةٍ بين النساء والرجال، ومن سعيٍ نحو تحقيق المناصفة بينهما، ومن تشجيعٍ على تكافؤ الفرص بينهما في ولوج الوظائف الانتخابية؛ ومن ضرورة عمل السلطات العمومية على توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد.
إنَّ حزبَ التقدم والاشتراكية، الذي يَعملُ في إطار هذا الدستور ويُنادي من أجل التفعيل الأمثل لمضامينه المتقدمة، يَحملُ، منذ نشأته، مشروعًا فكريًّا وسياسيا تُشَكِّــــلُ فيه الديمقراطيةُ عموداً أساسيًّا ومحورياًّ، ويُدركُ أن بناءها مسارٌ طويل وشاق، راكَــــمَت فيه بلادُنا الكثير من المكتسبات، كما تَــــشُوبُــــهُ كثيرٌ من الاختلالات، مما يطرحُ علينا العديد من التحديات، بما فيها تحدي الإصلاح الحقيقي للفضاء الانتخابي على كافة المستويات، لتحقيق الانتقال الفعلي والنهائي نحو حياةٍ ديمقراطية ومؤسساتية سوية وسليمة وخالية من الممارسات الفاسدة والمفسدة.
فقد تميز المسارُ العام لبلادنا، منذ الاستقلال، بمحطاتٍ سياسية انعطافية ومتقدمة، كان لحزب التقدم والاشتراكية إسهامٌ فيها، كانطلاق المسلسل الديمقراطي؛ والتناوب التوافقي؛ وما سبقه من انفراجٍ سياسي وتعديليْن دستوريين؛ ثم دستور 2011. والملاحظُ دوماً أن الإصلاحَ الديمقراطي يعرفُ ديناميةً ملفتة بالاستناد إلى الدور الريادي والإرادة التحديثية للمؤسسة الملكية، في تظافرٍ للجهودِ مع القوى الحية الوطنية الديمقراطية ببلادنا التي مكَّنَها كلُّ ذلك من الاستقرار المتين وأكسَبَهَا طابعَ التَّـــــفَــــرُّد الإيجابي في محيطها، ومَنَحَهَا إمكانياتٍ أوسع للتحوُّل إلى بلدٍ صاعد قادر على رفع مختلف التحديات الداخلية والخارجية.
غير أن المكتسبات الديمقراطية تستمد قُوَّتَـــها من فِعلية ممارستها، ومن تراكُمِها وديناميتها وتطورها، وليس من رُكودها وجُمودها، أو تآكُلِها وتَراجُعِها، ولا حتى من التقيُّد فقط بشكلياتها، وليس بالأحرى من الانحرافات ومظاهر انحسار الحقوق والحريات وإفساد الفضاء السياسي والمجال الانتخابي وتبخيس العمل الحزبي النبيل، بما يؤدي إلى استنزاف المكتسبات الديمقراطية، وإلى أزمة الثقة في العمل السياسي والعزوف عن المشاركة السياسية المنظَّمَة، ومقاطعة العمليات الانتخابية، وإلى أزمة مصداقية المؤسسات المنتخبة، وإلى مخاطر الانزلاق نحو الفراغ ونحو التعبيرات غير المؤطرة.
إن أخطر ما يمكن أن يهدد ويُقَوِّضُ أيَّ بناءٍ ديمقراطي ومؤسساتي هو أن يتم الانحرافُ بأهداف الانتخابات من إصلاح المجتمع إلى محاولة إفساده، وأنْ تُحدِّدَ سطوةُ المال وطغيانُهُ نتائجَ الانتخابات، كما وقع في انتخابات 2021 التي، وإنْ كان قد بُذل مجهودٌ عمومي هائل لتنظيمها في ظل نصوصٍ أكثر تَـــقَدُّماً من ذي قَبْل، إلا أنه حضر فيها الفسادُ والمالُ والممارساتُ غير المشروعة، بشكل مكثف وواسع لم يسبق له مثيل، وبصورةٍ مُــــؤثِّــــرة تتجاوز كونها مجرد حالاتٍ معزولة، مما حَرَمَ بلادَنا من فرصة التقدم خطوةً جديدةً في مسار ضمان سلامة العملية الانتخابية والتنافس الديمقراطي السليم والمتكافئ بين الأحزاب السياسية.
إنه واقعٌ مرير يُسائِلُنا في العُمق حول مكانة المؤسسات المنتخبة، وفي مقدمتها مجلس النواب، وأدوارها الفعلية، وحول طبيعة العديد من المنتخبات والمنتخبين الذين يُفترض فيهم تمثيلُ الأمة وإعطاءُ صورةٍ عن الوطن ومدى تطوُّرِه.
ويَطرح ذلك بحدة ضرورةَ إجراءِ تقييمٍ موضوعيٍّ لمسارنا الانتخابي عموماً، ولا سيما تجربة انتخابات 2021 وما أفرزته من مظاهر سلبية، بأفق توفير الشروط السياسية والصيغ القانونية المناسبة، للنهوض بالفضاء السياسي ومعالجة أزمة المصداقية والثقة في المؤسسات المنتخبة، وإرجاع المكانة لأحزابٍ سياسيةٍ مُؤَهَّــلةٍ وذاتِ مصداقية، والارتقاء بالعملية الانتخابية، شكلاً ومضموناً، وضمان مشاركة عارمة للشباب، والتوجه قُدُمًا نحو التحقيق الفِعلي لمبدأ المناصفة التمثيلية بين النساء والرجال عوض الاكتفاء بمجرد السعي نحو ذلك، وحضور أجْوَد وأَنْـــزَه الطاقات في المجتمع، تصويتاً وترشيحاً، بأفق صياغة تعاقد سياسي جديد ببنيات مؤسساتية قوية وقواعد ديمقراطية صلبة، بما يجسد أحد التوجُّهات الأساس لوثيقة النموذج التنموي الجديد التي نادت بتحرير الطاقات.
على هذا الأساس، فحزبُ التقدم والاشتراكية يَعتبِرُ أنَّ ورش نزاهة الانتخابات وشفافيتها هو أحد الأوراش الرئيسية التي ينبغي الانكباب عليها، من أجل صَوْنِ العملية الانتخابية وإحاطتها بكافة الضمانات القانونية والإدارية والقضائية والسياسية، لتجري في مَناخٍ يسودهُ التنافسُ البرنامجيُّ الحر والقطعُ النهائي مع جميع الممارسات المسيئة للعملية الديمقراطية، كاستعمال المال، وتقديم الإغراءات، واستخدام الإمكانيات العمومية لاستمالة الناخبين، والحياد السلبي للإدارة، إلى غير ذلك من الممارسات التي تُفرغ العملية الانتخابية من مدلولها الديمقراطي، وتؤثر بشكل سلبي على أداء ومردودية المؤسسات المنتخبة، وفي مقدمتها البرلمان.
كما يَعتبِرُ الحزبُ أنَّ محاربة مفسدي الانتخابات، بما في ذلك من خلال العمل على المنع من الترشُّح لكل الأشخاص المعروفين بممارساتهم الانتخابية الفاسدة والمفسدة المعتادة، بكل ما يجب من صرامة ومثابرة، هو السبيل لإنقاذ الديمقراطية التمثيلية ببلادنا. ويَعتبِرُ الحزبُ أنَّ إصلاحَ الفضاء الانتخابي، لإفراز مؤسسات تمثيلية قوية وديمقراطية تعكس انتظارات المواطنات والمواطنين، أمرٌ ممكن وضروري، وهو جزءٌ أساسيٌّ من النَّفَسِ الديمقراطي الجديد الذي يُنادي إليه حزبُ التقدم والاشتراكية، من خلال اقتحام جيلٍ جديدٍ من الإصلاحات، وإحداثِ الانفراج الحقوقي والسياسي اللازم، لإسناد المسار التنموي وإثماره، في إطار ما يتعين بذله من مجهود إصلاحي لتمتين جبهتنا الداخلية، ديمقراطيا واقتصاديا واجتماعيا، باعتبار ذلك صمَّام الأمان الرئيسي لكسب كل المعارك، وفي مقدمتها معركةُ توطيد وحدتنا الترابية وتثبيت مغربية الصحراء.
في هذا السياق، يَعتبِرُ حزبُ التقدم والاشتراكية أن معركة تخليق الانتخابات وتنقيتها من الممارسات الفاسدة والمفسدة هي معركةٌ مجتمعية تستلزم صحوةً شعبية مواطناتية، بنَّاءة ومسؤولة، يلعبُ فيها المجتمع المدني دوراً أساسيًّا، وتستلزم التفعيل الحازم والكامل لكافة هيئات الرقابة والحكامة ذات الصلة، كما تستلزمُ فتح حوار وطني ونقاشٍ مجتمعي واسع وهادئ، إلى جانب النقاش المؤسساتي، طالما أن المناخ الانتخابي هو جزءٌ أساسي ضمن مسألة توطيد البناء الديموقراطي والمسار التنموي لبلادنا.
إن هذه المعركة من اللازم أن يقوم فيها كلُّ طرفٍ بواجبه. وهنا يبرز على وجه التحديد الدورُ المحوري والمؤثر للإعلام الوطني عموماً، ولوسائل الإعلام العمومي خاصةً، حيثُ من اللازم تنظيمُ حملاتٍ إعلامية قوية، عارمة ومسترسلة، بجميع الطرق والأجناس الصحفية الممكنة، لأجل الحثِّ على المشاركة المواطِنة، والتأكيد على العلاقة القوية بين الانتخابات وبين المعيش اليومي للمواطن، وشرح سلبيات العزوف ومحاذيره، وتفسير المخاطر العُظمى للفساد الانتخابي على حاضر ومستقبل الوطن وعلى مساره التنموي والديمقراطي، وذلك بانفتاحٍ تام على الأحزاب السياسية التي لها إرادةٌ في هذا التوجُّه، وعلى كل مكونات وفعاليات المجتمع، وبإسهامٍ وازن لكل الهيئات والسلطات المعنية بتنظيم الشأن الانتخابي وبالإشراف عليه.
إنَّ هذه المقاربة الإعلامية البيداغوجية الجديدة، المتعين تَــــبَـــنِّــــيـــهَا بقوة ومسؤولية، لتشكيل رأيٍ عام إيجابي جديد إزاء الفضاء السياسي والانتخابي والمؤسساتي، هي النقيضُ تماماً لما يتم تسجيله للأسف، عادةً، من ترويجٍ مكثف وممنهج لخطاب التيئيس من إمكانيات التأثير والتغيير، وتبخيس العملية الانتخابية، وتشجيع عملي على العزوف والمقاطعة، بل ومن إنكارٍ ضمني أو صريح لدور وأهمية الديموقراطية في المسار الوطني العام، والحالُ أن الاختيار الديموقراطي ثابتٌ دستوري من ثوابت الأمة وشرطٌ لا مناص منه لِــــدَوَامِ الاستقرار ولنجاح أي مجهودٍ تنموي.
تأسيسًا على كل هذه المنطلقات؛ وارتكازاً على مرجعية حزب التقدم والاشتراكية، الديموقراطية والتقدمية، وعلى تراكُمِ إنتاجه الفكري والسياسي؛ وإيمانًا منه بأن المغرب قادرٌ ومؤهل لاستكمال انخراطه التام في المنظومة الدولية المعيارية للديمقراطية وحقوق الإنسان؛ واستحضاراً منه لمستلزمات التثبيت النهائي للديمقراطية، ولإشراقاتِ نضالات الشعب المغربي وقواه الحية في سبيل بناء الدولة الوطنية القوية بديمقراطيتها ومؤسساتها، يتقدم حزب التقدم والاشتراكية، في هذه المذكرة، بأهم الاقتراحات التي يعتبرها مداخل أساسية لإصلاح المنظومة العامة للانتخابات التشريعية، مُــــبَوَّبَة في ثمانية محاور كبرى:
تخليق العملية الانتخابية؛
تحفيز المشاركة الانتخابية؛
تطوير مقاربات نمط الاقتراع والتقطيع الانتخابي وتشجيع التحالفات القبْلية؛
تعزيز حضور النساء والشباب والأطر ومغاربة العالم؛
تحيين اللوائح الانتخابية؛
تطوير إطار الإشراف؛
تطوير آليات الرقمنة والتواصل والجدولة الزمنية والتنظيم المادي؛
تطوير منظومة التمويل العمومي.
مقترحات حزب التقدم والاشتراكية لإصلاح منظومة انتخابات مجلس النواب
(ملحوظة: رغم أنه تُوجد بعض الاقتراحات أدناه صالحة للإدراج في أكثر من محور من المحاور الثمانية غير أنه تم الاكتفاء بإدراجها في محورٍ واحد تفاديًّا للتكرار)
تخليق العملية الانتخابية
منع الترشُّح بالنسبة لكل الأشخاص المشبوهين المعروفين بممارسة الفساد وبإفساد الانتخابات، ولجميع الـــمُدَانين أو المتورطين في قضايا فساد المال العام أو الفساد الانتخابي قيد النظر القضائي (يمكن تفادي التناقض مع قرينة البراءة بتوقيع الأحزاب السياسية ميثاق شرف بصيغة ملزِمة خاص بهذه النقطة لوحدها)؛
تشديد العقوبات على كافة جرائم الفساد الانتخابي، واعتبارها، وخاصة شراء الأصوات، جناية بعقوباتٍ خاصة أشد؛
التجريم المشدد وتفعيل منع استغلال المال العام، والمشاريع العمومية، ومواقع المسؤولية الإدارية، وامتيازات السلطة العامة، والأنشطة الخيرية والتضامنية، في استمالة الناخبين وفي الحملات الانتخابية؛
إضافة شرط شهادة الإبراء من الديون العمومية ضمن ملف الترشُّح؛
إطلاق خط أخضر وطني للتبليغ عن الخروقات والفساد الانتخابي، وتوفير الإمكانيات اللوجستيكية والبشرية الكافية للتعامل مع الشكاوى ذات الصلة؛
وضع إطار قانوني خاص بمُـــلاحِـــــظِــــي الانتخابات، باستلهامٍ من بعض التجارب المقارنة، لتوفير إطار قانوني تعاقدي واضح لكل الهيئات المعنية بالملاحظة، وخاصة فيما يتعلق بحقوق وواجبات الملاحظين والتزامات السلطات العمومية في هذا المجال؛
إعمال الشفافية والتشاركية في تحديد قائمة رؤساء مكاتب التصويت، وفي الإعلان عنها؛
إخضاع تعيينات رؤساء مكاتب التصويت إلى معايير صارمة قوامها معيار الحياد وعدم الارتباط بأي علاقة مع أيٍّ من المرشحين؛
تعيين رؤساء المكاتب من قطاعات مختلفة (التعليم، العدل، الصحة، المؤسسات العمومية…) مع اشتراط مستوى تعليمي وتكوين ملائميْن، وتفادي ما أمكن اللجوء إلى موظفي الجماعات الترابية؛
السماح الفعلي لممثلي الأحزاب السياسية وممثلي المرشحين، برسم مختلف الدوائر الانتخابية بحضور ومراقبة عمليات الاقتراع والإحصاء والفرز وتمكينهم من نسخ المحاضر فوراً، طِبقًا للقانون. وإقرار جزاءات زجرية مشددة في حق رؤساء مكاتب التصويت الممتنعين عن ذلك؛
المنع الصارم لإدخال الهواتف إلى مكاتب التصويت؛
اعتماد التوقيع بالبصمة من قِبل الناخبين في لائحة الحضور كدليل مادي يؤكد حضور الناخب ومشاركته فعليا في عملية الانتخاب؛
الاحتفاظ بكل أوراق التصويت الصحيحة والملغاة والمتنازع عليها إلى غاية نهاية آجال تقديم الطعون؛
الإعلان عن نتيجة كل مكتب فرعي ومكتب مركزي للعموم بعين المكان؛
رقمنة المسار الانتخابي إلكترونيا (من التسجيل إلى الفرز وإعلان النتائج)، وخاصة في مكاتب التصويت، بهدف تعزيز النزاهة والسرعة في النتائج وإتاحتها للعموم فورًا مكتبا مكتبًا، والحد من الأخطاء البشرية أو التلاعب؛
إطلاق حملة إعلامية رسمية وواسعة للدولة في الإعلام العمومي تفسر مخاطر وأضرار الرشوة الانتخابية وتحذر من عواقبها الوخيمة؛
إعمال القضاء الاستعجالي في ملفات الفساد الانتخابي، لا سيما منها المسجلة أثناء الحملة الانتخابية وفي يوم الاقتراع؛
السماح للأعوان القضائيين بممارسة مهامهم خارج نطاق اختصاصهم الترابي فيما يتعلق بالعمليات الانتخابية؛
توسيع وسائل إثبات المخالفات والخروقات الانتخابية، وبالخصوص اعتماد الإمكانيات الرقمية؛
زجر الموظفين العموميين المشاركين في إفساد الانتخابات، بعقوبات جنائية وإدارية.
تحفيز المشاركة الانتخابية
الاحتفاظ بيوم الأربعاء كيومٍ للاقتراع، أو اختيار يوم آخر من أيام الأسبوع باستثناء يوم الجمعة ويوميْ نهاية الأسبوع؛
إقرار الترخيص بالغياب، طيلة يوم الاقتراع، شريطة تبرير الغياب بالنسبة للموظفين والمستخدمين والتلاميذ والطلبة، عبر الإدلاء بشهادة نموذجية للمشاركة في الاقتراع يوقعها ويسلمها رئيس المكتب المعني فور تصويت المعني بالأمر، وذلك بهدف الرفع من نسبة المشاركة؛
إطلاق حملات تحسيسية رسمية وواسعة، بإشراك قوي للإعلام، وخاصة العمومي، واستثمار مواقع التواصل الاجتماعي، حول أهمية التصويت وآثاره الإيجابية، باعتباره حقاًّ شخصيًّا وواجباً وطنياًّ؛
دراسة جدوى وإمكانية إقرار إلزامية التصويت؛
إعفاء الشباب من رسوم التنبر للحصول على بطاقة التعريف الوطنية أو جواز السفر (لأول مرة).
تطوير مقاربات نمط الاقتراع والتقطيع الانتخابي وتشجيع التحالفات القبْلية
مبدئيًّا، يترافعُ دائمًا حزبُ التقدم والاشتراكية دفاعاً عن نمط الاقتراع اللائحي والتمثيل النسبي، بدائرة وطنية تضم كل مقاعد مجلس النواب، أو على الأقل بدائرة وطنية تضُمُّ نصف مجموع المقاعد إلى جانب دوائر تشريعية محلية تشكل بدورها النصف الثاني من مجموع عدد مقاعد مجلس النواب (نظام مختلط)، مع اشتراط المناصفة التامة في الحالتيْن. إنَّ هذا النمط اللائحي بالتمثيلية النسبية هو الأكثر قدرةً على الترجمة الأمينة للخريطة السياسية الحقيقية، وينطوي على التكريسٍ الفعلي للتعددية، ويُمكِّنُ من إفراز طاقاتٍ وكفاءات سياسية ترفع من صورة وأداء ونجاعة مجلس النواب ويتعين التأكيد هنا على أن عددًا من التجارب الانتخابية المقارنة في دول متقدمة ديموقراطيًّا تقوم على أساس نمط اقتراعٍ مشابِه؛
غير أن الحزبَ، استحضاراً منه لطبيعة وواقع السياق السياسي والانتخابي، يظل منفتحاً على كافة الاقتراحات والمراجعات التي، وإنْ لم تحقق الهدف أعلاه كُلِّـــيًّا، على الأقل تُسهم نسبيًّا وتدريجيًّا في توسيع نطاق الدوائر التشريعية المحلية بأكبر قدْرٍ ممكن، مع إيجاد الصيغ الملائمة التي تساهم بقوة في توسيع حضور النساء والشباب ومغاربة العالم والكفاءات السياسية، كما هو واردٌ في المحور الرابع من هذه المذكرة.
مراجعة التقطيع الانتخابي بما يضمن التجانس المجالي والإنصاف التمثيلي والتوازن والتناسب بين عدد السكان وعدد مقاعد كل دائرة، بناءً على معطيات الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024؛
إعادة هيكلة الدوائر وفق منطق التجميع الإقليمي: بمعنى تجميع الدوائر الصغرى التي تضم 2 أو 3 مقاعد، والعمل على ألاَّ يقل عدد المقاعد المتنافس عليها في كل دائرة عن 4، لأن الاقتراع اللائحي لا يحقق غاياته إلَّا باعتماد دوائر تشريعية كبرى بما يعزز التعددية ويَحُدُّ من الهيمنة الحزبية؛
تجميع الدوائر الانتخابية المتعددة، في الإقليم الواحد أو العمالة الواحدة، في دائرة انتخابية واحدة، وخاصة: الرباط (7)، سلا (7)، القنيطرة (7)، فاس (8)، مراكش (9)، تارودانت (7)، الخميسات (6)، تاونات (6)، أزيلال (6)؛
اعتماد المنهجية التشاركية في إعداد التقطيع، من خلال إخضاع مشاريع التقطيع الانتخابي للنقاش داخل اللجنة الوطنية للانتخابات واللجان الإقليمية، وضمان انخراط الأحزاب السياسية في بلورة التقطيع، بما يعزز الثقة في نجاعة مخرجاته؛
تشجيع التحالفات القبْلية، لعقلنة الفضاء الحزبي والمؤسساتي، أساساً من خلال إقرار إمكانية تقديم الاتحادات الحزبية للوائح ترشيح تتضمن مرشحين ينتمون إلى حزبٍ أو عدة أحزاب يتألف منها الاتحاد الحزبي المعني؛ وأيضاً من خلال اعتماد مُحَصِّلَة نتائج التحالف الحزبي القبْلي المؤلَّف طبقاً للقانون، بمثابة نتيجةٍ واحدة، مع إقرار كل ما يترتب عن ذلك من آثارٍ سياسية وقانونية؛
توسيع حالات التنافي ما بين عضوية مجلس النواب (أو عضوية الحكومة) وما بين رئاسة الجماعات الترابية والغرف المهنية.
تعزيز حضور النساء والشباب والأطر ومغاربة العالم
الرفع من نسبة التمثيلية على مستوى الدوائر الجهوية، بالرفع من عدد المقاعد المخصصة للنساء في هذه الدوائر، لتنتقل إلى ثُـــلُث إجمالي المقاعد، مع اتخاذ كل التدابير الأخرى التي من شأنها التحقيق الفِــعلي للمناصفة الكاملة بين النساء والرجال داخل تشكيلة مجلس النواب المقبل؛
إلزام لوائح الدوائر المحلية لكل حزب، على صعيد كل جهة، بوجود امرأة أو شاب دون 40 سنة على رأس واحدة منها على الأقل، تحت طائلة الحرمان التام من التمويل العمومي، أو على الأقل تحت طائلة خصم نسبة التمويل العمومي المحتسب بناءً على أصوات ومقاعد الحزب المعني بالجهة المعنية؛
العودة إلى اعتماد لائحة للشباب، مع تطبيق نظام التناوب على اللوائح الانتخابية، أو ما يســـــــــــــــــــــمى ب Zipper System، وهو ما يتطلب من الأحزاب وضع مرشحات ومرشحين بالتناوب على لوائحهم الانتخابية، بدءً بالنساء، مما يعني أن 50% من المرشحين بهذه اللائحة يجب أن يكونوا من النساء و50% من الرجال. ويهدف هذا النظام إلى ضمان عدم وضع المرشحات في ذيل اللوائح، وبالتالي زيادة فرصهن في الفوز؛
العمل بكوطا المرشحين القانونية، حيث تُلزَمُ الأحزابُ السياسية بترشيح نسبة محدَّدَة بالقانون من النساء على لوائحها الانتخابية المحلية، كمتطلب قانوني إجباري؛
كوطا الأحزاب الطوعية، حيث تتبنى الأحزاب السياسية هذه الكوطا طواعية ضمن لوائحها الداخلية، دون إلزام قانوني، وبالمقابل تلتزم الدولة بوضع تمويلات إضافية للأحزاب عن ترشيحات النساء في لوائحها، لتشجيعها على الرفع من التمثيلية النسائية، أساساً حسب نسبة المرشحات في اللوائح الانتخابية، وأيضاً حسب المقاعد النسائية المحصل عليها؛
توفير تمويل إضافي مباشر للنساء المرشحات في الدوائر المحلية، لمساعدتهن على تجاوز التحديات المالية التي تَحُولُ عادةً دون ترشحهن؛
في حال تم قَبُول الاقتراح الوارد في هذه المذكرة القاضي باعتماد 4 مقاعد كحد أدنى في كل دائرة محلية، يُقتَرَحُ إلزام الأحزاب بوضع امرأة في مرتبة متقدمة في كل اللوائح المحلية؛
تخصيص تمويل إضافي للأحزاب التي تضع نساء وشباباً على رأس رُبُــــــــع مجموع اللوائح المحلية على الأقل؛
إحداث صندوق لدعم المشاركة السياسية للشباب على غرار صندوق دعم مشاركة النساء؛
إعفاء المرشحين الشباب من أداء مبلغ الضمانة المحدد في 5000 درهماً؛
اعتماد دائرة وطنية إضافية للأطر والكفاءات (إلى جانب الدوائر المحلية والجهوية)، يتم الاتفاق على عددها، مناصفةً بين النساء والرجال (امرأة-رجل)، مع إلزام تمثيلية ثُـــــلُــــــثَــــيْ الجهات على الأقل، للرفع من مستوى الأداء العام لمجلس النواب؛
إحداث دوائر انتخابية خاصة بالمغاربة المقيمين بالخارج، تناسبيا مع توزيعهم في الخارج؛
اعتماد إمكانية التصويت الالكتروني المسبق في هذه الدوائر بالخارج؛
اعتماد مقرات قنصليات بلادنا بالخارج في التسجيل، وإيداع الترشيحات، وفي التصويت وفرز الأصوات.
تحيين اللوائح الانتخابية
التنقية الشاملة للوائح الانتخابية، لضمان مصداقيتها وشفافيتها، بما يشمل التشطيب التلقائي على أسماء المتوفين والمكرر تسجيلهم؛
تفعيل إشعار المشطَّب عليهم بكافة الوسائل داخل الآجال القانونية؛
اعتماد التسجيل التلقائي، والمفتوح دون انقطاع، حتى إلى أجل حصر اللوائح الانتخابية، بناءً على قاعدة بيانات البطاقة الوطنية للتعريف الإلكتــــــــــــــــــــرونية، ولا سيما منها عنوان السكن؛
تقديم طلبات القيد أو تغيير القيد طيلة السنة، عبر منصة رقمية رسمية دائمة التفعيل؛
تمكين الأحزاب من الحصول على نُسخ إلكترونية للوائح الانتخابية مُبوَّبَة حسب مكاتب التصويت، وبطلب مركزي واحد، في أي وقتٍ وحين، دون تقييد بأي آجال؛
اعتماد بطاقة التعريف الوطنية لوحدها للتصويت، وإلغاء بطاقة الناخب؛
اعتماد الرقم الهاتفي 2727 كمرجع للتأكد الفوري داخل مكاتب التصويت من تسجيل الناخب.
تطوير إطار الإشراف
إلى جانب الإشراف السياسي والتنظيمي والإداري والتقني المباشِر على الانتخابات الذي تضطلع به وزارة الداخلية، يُقترح إحداث هيئة تتبع ومواكبة سياسية وطنية، بتمثيليات إقليمية، تشتغل طيلة مراحل الانتخابات، تَضُمُّ تمثيلية الأحزاب السياسية، والسلطات الإدارية الترابية، وهيئات الحكامة المنصوص عليها في الدستور، وتكون تحت إشراف ممثل عن السلطة القضائية، وبدورية اجتماعات منتظمة.
تطوير آليات الرقمنة والتواصل والجدولة الزمنية والتنظيم المادي
تعزيز ودعم الحملات الانتخابية الرقمية من طرف الدولة والأحزاب؛
الرفع من عدد وحصص البرامج الحوارية المخصصة للبرامج الانتخابية في الإعلام العمومي؛
إقرار حق كل الأحزاب في ولوج الإعلام العمومي بصفة أكثر عدلاً وإنصافاً؛
تحفيز استخدام التكنولوجيا الحديثة في العملية الانتخابية؛
استخدام شاشات إلكترونية داخل مكاتب التصويت لتقليل الخطأ وتيسير عملية الاقتراع؛
رقمنة الفرز والنتائج، والإعلان عنها لحظياً وفوريا مكتباً بمكتب؛
إقرار عقوبات زجرية مشددة على الاستخدام غير المشروع للذكاء الاصطناعي، بمناسبة الانتخابات، الذي يكون الغرض منه نشر أخبار ومعلومات كاذبة، أو تزييف الحقائق وتحريفها، أو تضليل المواطنات والمواطنين، أو التشهير بالمنافسين؛
إعلان الأجندة الانتخابية وإصدار كافة النصوص ذات الصلة قبل متم 2025؛
التقليص، بأقصى ما يمكن، من عدد مكاتب التصويت (إلى الثلث مثلاً: حواليْ 700 ناخب (ة) في كل مكتب)؛
جعل مكاتب التصويت في أماكن يسهل الوصول إليها، وتوفير آليات الولوج والتصويت بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة؛
اعتماد التوقيع والبصمة في لائحة الحضور؛
اعتماد الفرز الإلكتروني، والاحتفاظ بالأوراق الصحيحة والملغاة والمتنازع عليها إلى نهاية الطعون.
تطوير منظومة التمويل العمومي
مراجعة منظومة التمويل العمومي للأحزاب برسم الانتخابات التشريعية، وفق المعايير التالية:
مضاعفة الغلاف الإجمالي المرصود للأحزاب السياسية برسم مساهمة الدولة في تمويل نفقات الحملات الانتخابية، أخذًا بعين الاعتبار ارتفاع معدلات التضخم، ومراعاةً لمبدأ تكافؤ الفرص، وتفاديا للجوء المرشحين إلى التجاوز غير المشروع لسقف النفقات؛
تمويل جزافي سنوي متساوي للأحزاب التي تغطي 30% من الدوائر الانتخابية التشريعية لمجلس النواب وتحصل على 1% من الأصوات فما فوق؛
تمويل إضافي مماثل لقيمة التمويل الأول للأحزاب الحاصلة على ما بين 1% و3%. من الأصوات في الانتخابات التشريعية لمجلس النواب؛
تمويل بحصة ثالثة متناسبة مع عدد المقاعد والأصوات للأحزاب التي تتجاوز 3% في انتخابات أعضاء مجلس النواب؛
مراجعة سقف مصاريف الحملات الانتخابية، لتجنب تجاوزه بطرق غير مشروعة، والعمل على توفير آليات مشدَّدَة وشفافة لمراقبة كل تجاوز في هذا الشأن؛
توسيع تعريف النفقة الانتخابية لتشمل النفقات الرقمية والإعلامية؛
الخاتمة
في الختام، لا بد من التأكيد على أنَّ المسألة الانتخابية ليست تدابير تقنية صرفة، كما أنها ليست شأناً محصوراً على الأحزاب السياسية فقط، بل إنها قضية مجتمعية مصيرية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
ولذلك فمحطة انتخابات أعضاء مجلس النواب لسنة 2026 يُنتظر منها أن تكون تمريناً ديمقراطيًّا يُجسِّدَ نقلةً نوعية في مسار تطوير تجاربنا الانتخابية، توطيداً للبناء الديمقراطي والمؤسساتي. كما يُنتظر منها أن تشكل نقطة انعطافٍ في استعادة الثقة والمصداقية وإحداث المصالحة الضرورية بين الشباب والسياسة، في المدن وفي القرى، من خلال القيام بكل ما يلزم لتوسيع المشاركة الانتخابية، سواء من حيث الترشُّح أو من حيث التصويت.
وعلى هذا الأساس، يتعين عدم مقاربة المنظومة العامة لهذه الانتخابات بمجرد إجراءاتٍ تقنية، على أهمية ذلك، بقدر ما ينبغي وضعُ الإصلاحات والتغييرات ضمن منظور أوسع وأشمل قوامه المضي قُدما نحو إعطاء نَفَسٍ جديد للمسار الديمقراطي، كشرط أساسي لنجاح النموذج التنموي، من خلال مباشرةِ جيلٍ جديد من الإصلاحات وخلق مناخ الانفراج الحقوقي والسياسي، وأساساً فيما يتعلق بحريات الرأي والتعبير والإبداع والتفكير والصحافة والنشر، بما يحرر طاقات المجتمع، من شباب ونساء ومثقفين وفئات متوسطة وعموم المواطنات والمواطنين.
وإذ يؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية انخراطه في هذه التوجهات الإيجابية، فإنه يَعتبرُ أن أكبر عطب وأخطر معضلة تُواجه الفضاء السياسي والانتخابي والمؤسساتي هو إغراق هذا الفضاء بالمال والفساد والإفساد والمصالح الذاتية والشخصية، مع ما يستتبعُ ذلك من تضارب للمصالح على مستويات مختلفة.
لذلك، فإن بلادَنا لا خيار أمامها، لكي تحقق ما تصبو إليه من مكانةٍ ريادية على الصعيديْن الإقليمي والدولي، سوى أن تحسم في القطع النهائي والحازم مع كل الممارسات السلبية والخطيرة التي تهدد هذا المسار.
إنه تَـــحَدٍّ يمكن رفعه والنجاحُ فيه من خلال روح التوافق البنَّاء حول الإطار العام، وإعمال دولة الحق والقانون في المجال الانتخابي، ومن خلال تحمُّل كل الأطراف المباشِرة لمسؤولياتها، سواء الدولة أو الأحزاب ومرشحيها أو المواطن.