المبادرة المدنية للترافع من أجل التصدي للتعديلات المقترحة على المادتين 3 و7 من
مشروع قانون المسطرة الجنائية 23-03
التصريح الصحفي
نعقد اليوم هذه الندوة الصحفية كمجموعة من الجمعيات الحقوقية والمدنية والائتلافات المهتمة بمكافحة الفساد وحماية المال العام ومحاربة الرشوة التي استجابت للنداء الذي وجهته الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة – ترانسبرانسي المغرب من أجل أن نعرض عليكم مضمون المذكرة التي صاغتها هذه المكونات وإحاطة وسائل الإعلام بما تم أنجازه والتذكير بالخطوات المقبلة بخصوص الترافع من أجل التصدي للتعديلات التي تقترحها الحكومة على مقتضيات المادتين الثالثة والسابعة من قانون المسطرة الجنائية.
إن المكانة التي منحها الدستور المغربي كأعلى قانون في البلاد للمجتمع المدني مهمة حيث نص في عدد من فصوله على هذه الأهمية وعزز مكانة الجمعيات، فنص الفصل 12 منه مثلا على “تُؤسس جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وتمارس أنشطتها بحرية، في نطاق احترام الدستور والقانون. لا يمكن حل هذه الجمعيات والمنظمات أو توقيفها من لدن السلطات العمومية، إلا بمقتضى مقرر قضائي.
تُساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها. وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة، طبق شروط وكيفيات يحددها القانون…”. ونص الفصل 13 على “تعمل السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور، قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها”. وما ورد في الفصلين 14 و15 وغيرهما.
كما أن دور المجتمع المدني في مكافحة الفساد وحماية المال العام ومحاربة الرشوة والتصدي لكل مظاهر نهب المال العام أساسية، وأن كل مبادرة تشريعية تقترحها الحكومة كسلطة تنفيذية على السلطة التشريعية البرلمان تناقض هذا التوجه تعتبر انحرافا تشريعيا يهدف بالدرجة الأولى إلى سلب الجمعيات مهمة التبليغ والمطالبة بفتح التحقيقات القضائية اللازمة لترتيب الجزاء.
ما نأسف له اليوم هو أن هذا الانحراف التشريعي الذي مازال في مرحلة المناقشة والمصادقة داخل الغرفة الثانية بالبرلمان المغربي (مجلس المستشارين) يتناقض مع التزامات المغرب الدولية في هذا الاتجاه من خلال سن القيود التي تفرضها المادة 3 على مباشرة الدعوى العمومية بخصوص الجرائم التي تمس الأموال العمومية، وتلك التي تمنع المادة 7 بموجبها اللجوء إلى العدالة من طرف الجمعيات.
حيث يظهر ذلك جليا بالرجوع إلى مقتضيات الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد خاصة ما تضمنته الفقرة الأولى من المادة الخامسة التي أقرت مساهمة المجتمع المدني في سياسات وممارسات مكافحة الفساد الوقائية ونصت بأن ” تقوم كل دولة طرفا بوضع وتنفيذ أو ترسيخ سياسات فعالة منسقة لمكافحة الفساد تعزز مشاركة المجتمع المدني وتجسد مبادئ سيادة القانون وحسن إدارة الشؤون والممتلكات العمومية والنزاهة والشفافية والمساءلة ”
ونستحضر هنا قرارات الدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المنظم بمراكش ما بين 24 و28 أكتوبر 2011، حيث ورد في مضمون التقرير العام بالمحور د وبالجزء المعنون ب “الممارسات الفضلى في تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ورصدها” ضمن منطوق الفقرة 106 ” في الفتـرة مـن 25 إلى 27 أكتـوبر، نظَّـم ائـتلاف أصـدقاء اتفاقيـة الأمـم المتحـدة لمكافحـة الفـساد حـدثا خاصـا لمناقـشة الممارسـات الفـضلى في تنفيـذ الاتفاقيـة. ونـاقش المـشاركون في الحـدث دور المجتمع المـدني في آليـة الاسـتعراض وفي الأنـشطة الجاريـة لمكافحـة الفساد. وتركّزت مناقشات الحلقة على الحق في الوصول إلى المعلومات العامة من خلال آليـات التـــشريع الداخليـــة، وحمايـــة الـــشهود والمـــبلِّغين في ســـياق المـــادتين 32 و33 مـــن الاتفاقيـــة، والممارسات الفضلى في اسـترداد الموجـودات ومكافحـة غـسل الأمـوال، بمـا في ذلـك منظـورات البرلمانيين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي…”
كيف تتنكر إذن الحكومة المغربية لما التزمت به أمام المشاركات والمشاركين في المؤتمر المنعقد بالمغرب؟ أليس في الأمر إخلال واضح بمضمون “إعلان مراكش ” الذي توج أشغال هذا المؤتمر الدولي الذي استضافه المغرب؟ وخاصة ما ورد في التأكيد الثامن في مقدمة الإعلان “وإذ يضع في اعتباره(المؤتمر) ما يكتسيه دورُ الأفراد والجماعـات الـذين لا ينتمـون إلى القطـاع العام، كالمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والمنظمات المجتمعية مـن أهميـة في منـع الفـساد وفي بناء القدرات دعماً لمنع الفساد”.
إن مكونات هذه المبادرة المدنية تحيي عاليا استجابة رئيس وأعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين لطلب الاجتماع معهم يوم الثلاثاء 17 يونيو الجاري بمقر المجلس، حيث تم تسليمهم نسخة من المذكرة الترافعية واطلاعهم على وجهة نظر المجتمع، والتأكيد على تدارك الأمر بمراجعة المادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية لتصبح مطابقة لأحكام الدستور وللمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب من أجل إسقاط هذا التطاول على الحقوق الأساسية للمواطنين ،ومن أجل صيانة صورة المغرب في المحافل الاقليمية الدولية، وتعزيز دور المجتمع المدني وخاصة الجمعيات التي تشتغل على محاربة الرشوة ومكافحة الفساد ونهب المال العام وتعزيز الشفافية في تدبير الشأن العام.
إن مكونات المبادرة المدنية وهي تنظم اليوم هذه الندوة الصحفية تخبر الرأي العام الوطني أنها ستنظم وقفة احتجاجية يوم الثلاثاء 01 يوليوز 2025 أمام البرلمان للتنديد بهذا الانحراف التشريعي الذي بادرت به الحكومة، كما انها فتحت نقاشا دستوريا وقانونيا لإعداد مذكرة تفصيلية ستوجه إلى المحكمة الدستورية بخصوص مضامين هذا التعديل المخالف للدستور، وقد تضطر في حالة استنفاذ كل الوسائل الوطنية المتاحة إلى توجيه مراسلة إلى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وإلى مكتب الأمم المتحدة الإقليمي المعني بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحكم الإشراف على إعمال مقتضيات الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي صادقت عليها الدولة المغربية.
الرباط في 25 يونيو 2025