ورشة تفاعلية حول:
”القانون رقم 10-23 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، لازال النقاش مفتوحا… «
الجمعة 13 ماي 2025 -الرباط
أرضية الورشة
بعد أن عُمُرِ رُبعِ قرن عن صدور القانون رقم 98. 23 سنة 1999، المنظم للمؤسسات السجنية بالمغرب، وبعد تأسيس المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج المرتبطة برئاسة الحكومة، قبل سبعة عشر سنة، و ما شكله الحدثين من تحديات ذات الصلة بعالم السياسة الجنائية والعقابية، و بمجال العدالة والقضاء، و بمسارات نشر ثقافة حقوق الإنسان وضمان حمايتها لدى فئة خاصة من المواطنين محرومين من حرياتهم…، فقد كان ضروريا أن تتم مراجعة القانون أعلاه، وتنطلق قراءته وتقييم تجربته و دراسة وقْعِهِ وآثاره، وكَشف الخَصاص والأهداف والحاجة لتحيينه، خصوصا الضرورة الدستورية لملائمته مع المستجدات الوطنية والدولية على مستويات مختلفة، ومنها بالأساس، الملاءمة مع فلسفة وتوجهات دستور 2011، المتعلقة بحقوق الإنسان وبحقوق المتقاضين وبمجال المحاكمة والعقاب و ضمان احترام الحق في الحياة ومنع التعذيب وتجريمه، ومنع القبض و الاعتقال التحكمي، و ضمان حقوق الدفاع…. وغيرها من المقتضيات التي أصبح احترامها والتقيد بها وحمايتها قواعد آمرة ومن النظام العام…
وبدون شك، فقد جاء القانون الجديد المنظم للسجون رقم 23. 10 المؤرخ في 24 يوليوز 2024، الذي صوت عليه مجلس النواب في القراءة الثانية بأغلبية 72 صوتا ودون صوت معارض، (صدر الظهير الشريف رقم 1-24-33 المؤرخ في 18 محرم 1446 هـ، بتنفيذ القانون رقم 10-23 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات العقابية، في الجريدة الرسمية رقم 7328 المؤرخة في 17 صفر 1446 هـ (22 أغسطس 2024م)) ، ليرفع الاقتناع لدى الفاعلين و المتتبعين لشأن العدالة الجنائية و ثقافة حقوق الإنسان بالسجون، بأن السجن أضحى اليوم ، رغم اختلاف المدارس والتوجهات، مؤسسة مجتمعية، تربوية ، إصلاحية، تلقي على السلطات الحكومية العمومية والترابية والجماعية… مسؤوليات جسيمة لدعمها و العناية بها كمرفق عمومي في حاجة لمخصصات بشرية وادارية ومالية وتشريعية لكي ترقى بأدائها نحو الجودة و الاستجابة لما ينتظر منها ومن وظيفتها التي لا يمكن أن تظل النظرة إليها قاصرة ضيقة في تجميع المذنبين تنفيذا للعقوبة في حقهم، أو منعهم من الاختلاط وعزلهم عن المحيط العام…
ففضلا عن رهانات حماية الأمن المجتمعي وتقليص مجال الجريمة والتصدي لها ومعاقبة المجرمين، جاء التأكيد في النص الجديد على دور التحديث والأنسنة والإصلاح والإدماج كاختيارات وأولويات بناء منظومة منسجمة مع القواعد الأممية في مجال السجون، معززة بضمانات لفئة النساء والأحداث، محافظة على روابط بين السجين ومحيطه الأسري والمجتمعي والجامعي والثقافي…
يتألف القانون الجديد من 222 مادة، وينقسم إلى سبعة فصول تتناول مواضيع ومحاور مختلفة، على النحو التالي:
يُخصص الفصل الأول للأحكام العامة (المادتان 1 و2)؛
يتناول الفصل الثاني أماكن الاحتجاز وتنظيمها، وفئات السجناء وتوزيعهم، بالإضافة إلى إدارة ممتلكاتهم (المواد من 3 إلى 61)؛
يُخصص الفصل الثالث للحقوق والواجبات الأساسية للسجناء، ويتناول على وجه الخصوص حقوق الزيارة، وصحة السجناء، ومعلوماتهم، واتصالهم بالعالم الخارجي، ومراسلاتهم، وظروف احتجازهم (المواد من 62 إلى 134)؛
يتناول الفصل الرابع برامج إعادة الإدماج (المواد من 135 إلى 157)؛
يُحدد الفصل الخامس قواعد النظام والأمن (المواد من 158 إلى 210)؛ ويخصص الفصل السادس للتدابير التحفيزية والتصاريح الاستثنائية (المواد من 211 إلى 218).
الفصل السابع يتضمن الأحكام الختامية (المواد من 219 إلى 222).
وعلى مدى 222 مادة بالقانون والأبواب السبع منه، ومن خلال مقتضيات تنظيم حياة المعتقل مع مجال السجن ونظامه الإداري والأمني، بما في ذلك معالجة الاختلالات بين السجناء و مساطر التأديب وغيرها، ومن خلال مكانة السجون داخل المنظومة الجنائية، والتي اكتملت حلقاته بالقانون المتعلق بالعقوبات البديلة و دور المندوبية العامة ومسؤولياتها في تنزيلها وتنفيذها، فسيكون مستقبل النص الجديد رهين بمدى قدرة الإدارة و أطرها تحمل الصعوبات و الإكراهات التي تفرضها المعالجة اليومية لتدبير المرفق، وعلى خلق التوازن ما بين واجب العناية بالإنسان السجين، بعيدا عن نظرة الطاعة والعصا، قريبا من دور التربية على المواطنة واحترام القانون واستعادة الثقة في المجتمع وفي مؤسساته…
واعتبارا للأهمية التي يمثلها هذا النص الجديد على مسار تنفيذ العقوبات والمقررات القضائية ذات الصلة، وعلى حياة ووضعية نزلاء السجون وذويهم، وعلى أطر الادارة ومسؤوليها، وعلى صورة العدالة ونجاعتها بالمغرب، ومن هنا فإننا نتوخى من اللقاء قراءة النص الجديد قراءات متعددة بنظرة كل الأطراف المعنية، واستعراض مستجداته وحمولته….
ولعل أهم الأسئلة التي تطرح بهذا الخصوص هي:
هل من ملاءمة لقانون 10. 23 مع المعايير الدولية للسجون؟
مدى قدرة القانون الجديد دعم المؤسسات وتأهيلها لضمان أنسنة الاعتقال؛
هل من تفاعل بين قانون 10. 23 وقانون 22.43المتعلق بالعقوبات البديلة؟؛
ماذا حقق القانون الجديد لفائدة نزلاء المؤسسات ؟
الرقابة القضائية والإدارية والمؤسساتية على تنفيذ العقوبة وعلى حماية حقوق النزلاء؛
مكانة والتزامات المنظمات غير الحكومية في مواكبة النص وتنزيل مكتسباته؛
قانون 10. 23، أية فرص للنهوض بالمؤسسات السجنية ومعالجة الإكراهات وتداعيات السياسة العقابية ؟.
بشكل عام، يُعتبر القانون رقم 10. 23 خطوة إيجابية نحو تحسين النظام السجني في المغرب، ويعكس التزامًا بتعزيز حقوق الإنسان وتطوير برامج إعادة الإدماج ومن وجهة نظر المرصد المغربي للسجون يقترح ويعتبر :
أن الضرورة تفرض الدعوة لنقاش علمي حقوقي وقانوني للنص الجديد وتدقيق بعض مفاهيمه والإعداد لتفادي كل صعوبة في تنزيله …، للحرص على أن يمثل النص ويرقى بمصداقية الإدارة المكلفة بالسجون ويحمى النزلاء من كل تجاوز لحقوقهم ويستطيع بكل معاني الكلمة الإسهام في الهدف الأساسي وهو التأهيل وإعادة الإدماج .
كما أن المرصد المغربي للسجون يرى بأن فلسفة الملاءمة ما بين مقتضيات النص القانوني الجديد وما بين الدستور وعدد من المواثيق الدولية رغم التنصيص عليها كحقوق لكل معتقل فإن إعمالها وتفعيلها وفعاليتها تبدو من الإشكالات الأساسية التي ستثير اليوم واستقبالا عددا من الانتقادات والنقاشات، وهذا ما يحتاج إلى إطلاق تفكير جماعي بين المندوبية العامة وعدد من الأطراف المعنية المؤسساتية و المدنية لبحث كل ما يجعل التعاطي مع النص الجديد منسجما مع الحاجيات الأساسية للسجين بالتوافق مع قواعد القانون الوطني والقانون الدولي.
أملنا أن نجعل من هذه الورشة المنظمة بشراكة مع منظمة محامون بلا حدود، والمفتوحة على عدد من الفاعلين والمهتمين، فرصة لنقاش النص رغبة من رفع الوعي بمكانته، ومحاولة فهم الأدوار المنوطة بكافة الجهات الرسمية والجمعوية والمجتمعية المهتمة والمعنية بمجالات العقوبة والسجن والتربية والإصلاح والادماج…
المكتب التنفيذي