يتواصل استقبال رواق محمد الفاسي بالرباط لعشاق الفنون التشكيلية لاكتشاف عوالم الفنانة حليمة الفراتي، في معرضها التشكيلي الذي يستمر الى غاية يوم 23 من شهر ماي الجاري.
معرض ” مطلات صامتة” افتتح يوم تاسع ماي الجاري بحضور نخبة من الفنانين وعشاق الصباغة المبدعة.
فقد تميز حفل الافتتاح بحضور شخصيات بارزة في مجالات الموسيقى، المسرح، السينما، والفن التشكيلي، حيث قدمت الفنانة حليمة الفراتي أعمالا تنتمي إلى المدرسة الواقعية الصامتة ذات البعد السريالي، مستلهمة عناصرها من تفاصيل الحياة المغربية التقليدية، حيث استخدمت رموزا تعبر عن البيت المغربي القديم،
فتميزت الاعمال بروح التأمل، في المزج الابداعي بين جمال الطبيعة الصامتة والدلالات الثقافية والروحية، كما لو ان الفنانة توجه نداءا عبر لوحاتها من اجل إعادة اكتشاف البساطة كجوهر فني.
ففي بعض القراءات النقدية، تبرز حليمة الفراتي كنبضٍ نابضٍ بالحنين إلى الجذور، وروحٍ مغربيةٍ لا تخطئها العين، إذ ترسم بريشتها قصائد بصرية تستحضر عبق الزليج، دفء القفطان، وأهازيج الأعراس الشعبية. انها ليست مجرد فنانة تشكيلية، بل هي حكّاءة بصرية، تنسج من تفاصيل الحياة اليومية مشاهد آسرة، تجعل من كل لوحة مرآةً للهوية المغربية، وترنيمة حبٍّ للوطن.
لوحات الفراتي ليست تكرارًا لرموز مألوفة، بل إعادة إحياءٍ ذكيّة لذاكرة جماعية، تتجدد في كل ضربة فرشاة. هي تُحاور الزليج المغربي وكأنه كائن حيّ، وتُلبس القفطان ألوانًا تتجاوز الطيف، وتسكب في أوانيها الفخارية نكهات الحنين والدفء. ألوانها الجريئة ليست فقط أدوات تعبير، بل مفاتيح تفتح أبواب الفرح والألم والاحتفاء بالحياة.
ان حليمة الفراتي تغزل
في لوحاتها قصصًا من مغربٍ يتنفس تراثًا ويعيش حاضرًا متجدّدًا. المرأة المغربية، بجبّتها وطربوشها، تحضر كملكة متوجة في أعمالها، والفواكه التقليدية – من التمر إلى البرتقال – تتحول إلى رموز للكرم والهوية والارتباط بالأرض. أما الزليج، فيتحول إلى نغمة صامتة تنبض في كل زاوية، شاهدة على عبقرية الحرفة المغربية.
فمطلات صامتة. ليست مجرد عرض لوحات، بل تحربة بصرية تتطلب الإنصات لا للنظر فقط،، لذلك تقترح أعمال هذا المعرض على الزوار لحظات من التأمل العميق في مشاهد تطل على العالم لا من نوافذ مغلقة، بل من زوايا حميمة داخل الذاكرة البصرية المغربية. فاللوحات لا تنطق بالكلام بل تهمس بالحكايات، وهي اشبه ما تكون بنصوص صامتة من الوان وملامح وأضواء، تقود المتلقي الى مسارات متعددة من التأويل.