*المنظمة الديمقراطية للصحة تدق ناقوس الخطر حول انهيار الخدمات الصحية وتدعو إلى تأهيل الصحة العمومية وبناء نظام صحي عمومي يركز على المقاربة الوقائية ومعالجة المحددات الاجتماعية للصحة*
انعقد يوم السبت 11 أكتوبر 2025، بمقر المنظمة الديمقراطية للشغل بالرباط، اجتماع المجلس الوطني للمنظمة تحت شعار: ” *الاستثمار في العنصر البشري ركيزة أي نظام صحي ناجح* *
بعد الكلمة الافتتاحية التأطيرية للكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، الأستاذ علي لطفي، التي قام فيها بتحليل شامل للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب ومجمل التحديات التي تواجهها بلادنا في السنوات الأخيرة، بفعل عدة عوامل متداخلة، خاصة هشاشة النمو الاقتصادي في ظل اقتصاد ليبرالي مفرط وضعف الاستثمارات العمومية، حيث لا يزال النمو رهينًا بالتقلبات المناخية واستمرار ظاهرة الجفاف وندرة المياه، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع والخدمات والمحروقات . مما أدى ذلك إلى تدهور مستمر في القدرة الشرائية لعموم الطبقة العاملة، بما في ذلك الموظفين، والأجراء في القطاع الخاص، والمتقاعدين، والطبقة المتوسطة والفقيرة ،نتيجة تاكل الاجور وارتفاع مؤشرات البطالة، خاصة بين فئة الشباب وحاملي الشهادات الجامعية، فضلاً عن مؤشر الفقر متعدد الأبعاد، خاصة في القرى والبوادي وهوامش المدن، وتفاقم التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية ، حيث تستحوذ الفئة الأكثر ثراءً على نصيب كبير من الإنفاق الإجمالي وتآكل الدولة الاجتماعية باستمرار تفشي أمراض الريع والفساد.
كما ألقى الدكتور محمد عريوة، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للصحة، عرضًا هامًا وشاملًا تناول فيه أزمة المنظومة الصحية الوطنية والتدهور غير المسبوق الذي يعيشه قطاع الصحة العمومية، والتحديات الكبرى التي تواجه القطاع، خاصة أزمة التمويل وتدبير ميزانيته. وما زال التمويل العمومي للقطاع محدودًا مقارنة بالمعايير الدولية، فرغم ارتفاع الميزانية السنوية من 19 إلى 32 مليار درهم سنة 2025، فإن وتيرة تنفيذ المشاريع لا تتجاوز 50.5%. كما أدى تحويل أموال عمومية للقطاع الخاص وتوجيه المرضى اليه. مما ادى إلى تدهور جودة الخدمات الصحية، ونقص التجهيزات الأساسية والأدوية بالمستشفيات الإقليمية، الجهوية، والجامعية. وأدى فشل برامج الوقاية والرعاية الأولية و إلى تباين كبير في توزيع المرافق الصحية بين المناطق الحضرية والمراكز الكبرى، وغيرها من الجهات المهمشة، بالإضافة إلى نقص حاد في الأطر الصحية، وتفاقم ظاهرة هجرة الاطباء،والممرضين إلى الخارج بحثًا عن ظروف عمل أفضل واجر لائق ، حيث يغادر المغرب سنويًا ما بين 600 و700 طبيب، و 800 ممرض وممرضة,, وتفاقم هجرة الكفاءات نحو القطاع الخاص، مما يخلق فراغًا كبيرًا في المستشفيات العمومية.
ونتيجة لهذه العوامل، تراجعت بلادنا في مؤشر التنمية البشرية والإنسانية، حيث احتل المغرب مرتبة متدنية بلغت 120 عالمياً من أصل 193 دولة، والمرتبة 90 من بين 94 دولة في مجال الرعاية الصحية، .
ويشمل الوضع أيضًا ضعف الحكامة والفساد الإداري، حيث غاب نظام الحكامة الديمقراطية، وتدهور فاعليتها، والتعيين في مناصب المسؤولية دون كفاءة او تجربة وبرزت الفوضى في تدبير للمستشفيات ، مما يؤدي إلى إرهاق الأطر الطبية، وانقطاع الأدوية والمستلزمات الأساسية بما فيها الحقن مثل أدوية السل واللقاحات ، والادوية الضرورية للمستعجلات وهو ما يتجلى في ارتفاع غير مسبوق في معدلات الأمراض المزمنة والمعدية ومعدل الوفيات .كارتفاع وفيات الامهات الحوامل والاطفال دون سنة الخامسة ، بالإضافة إلى ذلك، يظل ورش تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض معيقًا، حيث لا تزال حوالي 8 ملايين مواطن خارج مظلة التامين الصحي واستمرار ارتفاع النفقات الإجمالية الصحية المباشرة من جيوب المواطنين والمرضى إلى 54% ، وتحمل المؤمنين لدى ابصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أزيد من 25% من تكلفة العلاج وتراجع قيمة استرجاع مصاريف العلاج بشكل غير مسبوق.
وبعد نقاش مستفيض، لكلمة المكتب الوطني. فان المجلس الوطني يعبر عن ما يلي: ♧ يثمن عاليا مضامين الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان، والتوجيهات السامية التي تركز على القضايا الكبرى للوطن، حيث يُحتل قطاع الصحة والرعاية الصحية للمواطنين مكانة بارزة ضمن هذه التوجيهات، وذلك من أجل تحقيق عدالة في ولوج المواطنين للخدمات الصحية.
♧ يعتبر المجلس. ان نجاح الإصلاحات الحالية مرهون بتوفر إرادة سياسية قوية، وتعبئة الموارد المالية والبشرية الكافية، والحد من التفاوتات المجالية، ووضع المواطن في صلب المنظومة، وتنفيذ المشروع الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الإجبارية ليشمل جميع الفئات، مع ضمان الولوج المتكافئ للخدمات الصحية ، والإسراع بمراجعة المرسوم المحدد لأسعار الأدوية قصد تخفيضها ، وتطوير صناعة الدواء الجنيس، و الحد من الاعتماد على الاستيراد لتعزيز السيادة الوطنية وترسيم الهيئة العليا للصحة بصلاحيات واسعة للتقييم والمراقبة وصناعة القرار السياسي الصحي وضمان الجودة، وتحقيق شراكة حقيقية مع الأطر الصحية وتمتيلها في المجالس الادارية وتحسين أوضاعهم بشكل عاجل.
و يطالب المجلس الوطني. بما يلي : ♧ تحسين وضع الشغيلة الصحية بمختلف فئاتها المهنية، باتخاذ الإجراءات والتدابير التالية:
♧ رفع فوري للأجور، والتعويضات، لتتناسب مع مستوى المعيشة و إقرار شهر الثالث عشر، ورفع تعويضات الحراسة والساعات العمل الإضافية، بالإضافة إلى تعويض العمل في المناطق القروية والجبلية والنائية. ومراجعة النصوص الخاصة بحوادث الشغل والأمراض المهنية في إطار المجموعات الصحية الترابية ،
♧ إحداث درجتين جديدتين للأطباء، والصيادلة، وجراحي الأسنان.
♧ إحداث إطار صحي عالٍ للممرضين وتقنيي الصحة، وتقليل مدة الترقية بالمباراة إلى 4 سنوات، وبالاعتماد على الأقدمية إلى 6 سنوات.
♧ احداث درجة خارج السلم لفئة التقنيين ♡ مراجعة الانظمة الاساسية للمتصرفين والمهندسين والتقنيين والمساعدين الاداريين والمساعدين التقنيين والمحررين ،
♧ إنشاء الهيئة الوطنية للممرضين والقابلات والمهن للتمريضية، وضمان الحماية القانونية للأطر الصحية من خلال إخراج مصنف للأعمال والكفاءات.
♧ التوظيف المباشر لجميع الأطر الطبية والتمريضية والتقنية بعد التخرج مباشرة.
♧ تخصيص ميزانية لإصلاح وتأهيل بنيات المعاهد العليا لمهن التمريض وتقنيات الصحة، ومعاهد التكوين في مهن المساعدة الاجتماعية والصحية. IFMSAS, بتجهيزات بيداغوجية، ومدرجات قادرة على استيعاب العدد الكبير من الطلبة، بالإضافة إلى رفع أجور وتعويضات مديري المعاهد والادارة التربوي ، واعتماد نظام أساسي لأساتذة التمريض، والتقنيات الصحية، والتعويض عن التدريبات السريرية.
♧ رفضه تحميل الأطر الصحية مسؤولية ما حصل في المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير، معتبرا أن السبب الحقيقي يعود إلى منظومة تعاني الإهمال وسوء التدبير، وطالبت المنظمة بإلغاء قرار توقيف الأطر الـ17 فورًا. ♧ حماية كافة العاملين الصحيين أثناء مزولة عملهم ، واتخاد اجراءات قانونية صارمة لحماية الأطر الصحية من الإعتداءات اللفظية والجسدية أوالترويج لأخبار زائفة وتضليلية، تنفيذا لمدكرة السيد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، و دورية السيد الوكيل العام للملك عدد 42س/ر.ن.ع/2021 بتاريخ 15 نونبر 2021 حول الاعتداءات التي يتعرض لها مهنيي الصحة.
♧ رفع حالة الاحتلال دون سند قانوني لبناية عقار في ملكية وزارة الصحة بمدينة إيموزار، إقليم صفرو، وتسليمها للمؤسسة الحسن الثاني للاعمال الاجتماعية لموظفي ومتقاعدي وزارة الصحة .
♧ ضرورة تبني نظام مجاني وكامل للعلاج، وإلغاء نسبة التحمل المالي على المرضى في جميع المستشفيات العمومية ، والمراكز الاستشفائية الجامعية و الرفع من ميزانياتها،
وفي الختام،* *يثمن المجلس الوطني للمنظمة الديمقراطية للصحة، العضو بالمنظمة الديمقراطية للشغل. منهجية الحوار الاجتماعي التي تبنتها الوزارة من خلال مديرية الموارد البشرية مع مختلف النقابات القطاعية، ومعالجتها للملفات الاجتماعية والإدارية بمسؤولية وشفافية*؛ كما يطالب المجلس الوطني بإشراك النقابات فعلياً في اتخاذ القرارات المتعلقة بصناعة السياسة الصحية لضمان نجاح الإصلاحات الهيكلية. كما دعا إلى احترام أخلاقيات المهن الصحية وحمايتها من الدخلاء.
المجلس الوطني الرباط في 11 أكتوبر 2025
*الدكتور محمد عريوة. الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للصحة Odt* *