زكية أوباه- اليوم تيفي
تحلل هذه الدراسة النوع الاجتماعي كعامل مهيكل يعرض الأطفال للعنف
حققت المملكة المغربية منذ سنة2011 العديد من الإنجازات في مجال حماية الطفولة لصالح المساواة بين الجنسين، وذلك
بموجب مؤشرات إيجابية في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم. مع ذلك، لا تزال هناك تحديات يتعين مواجهتها
لضمان طفولة محمية من العنف. تحلل هذه الدراسة التي تندرج ضمن تدخلات جمعية "مستقبل أفضل لأطفالنا"
(AMANE) ومنظمة AIDA غير الحكومية، النوع الاجتماعي كعامل هشاشة يهيكل تعرض الأطفال للعنف
يشير النوع الاجتماعي إلى العلاقات الاجتماعية التي تتطور بين الرجال والنساء كأفراد من جنسين مختلفين، وإلى
التنشئة الاجتماعية للذكورة والأنوثة. تبدأ الصور النمطية للنوع في التكون في مرحلة الطفولة المبكرة وتصبح جزءًا من
نظام علاقات القوة الذي يختلف من سياق إلى آخر، ولكنه يعتمد دائمًا على التمييز الهيكلي ضد النساء والفتيات. كما
يُرتكب العنف القائم على النوع ضد الأفراد، وخاصة الأطفال، على أساس الصور النمطية المبنية على النوع، وبسبب
انتماءهم الجنسي
يتعرض الأولاد والبنات للعنف على حد سواء، إلا أنه لوحظت مجموعة من الفوارق على مستوى أنواع العنف (التي
تختلف باختلاف الجنس) وعلى مستوى التصور الاجتماعي للعنف (الذي يتغير حسب جنس الفرد). وبالتالي، فإن نمو
الأطفال وتحقيقهم لذواتهم يتأثران بطرق مختلفة اعتمادا على جنسهم، سواء بعنف مباشر أو غير مباشر تجاههم. فيما
يتعلق بالعنف غير المباشر، تجدر الإشارة إلى أن عواقب العنف المنزلي تؤثر بشكل رئيسي على النساء ومن ثم يكون لها
تداعيات على الأطفال، ولا سيما على التمثلات التي يكونونها حول كيان الأسرة.
تثير هذه الدراسة تساؤلات حول: أ. النوع الاجتماعي كعامل رئيسي مهكيل لتعرض الأطفال للعنف، وحول الإجابات
الوطنية لظاهرة العنف القائم على النوع الاجتماعي؛ ب. وتثير أيضا تساؤلات حول الآليات الموضوعة بهدف الوقاية
والتبليغ عن حالات العنف، ولغرض توجيه وحماية الضحايا/الناجون من العنف وكذلك متابعة مرتكبي العنف. هل تتوافق
الاجابات مع حاجيات البنات والأولاد؟ وكيف تتغير اثار العنف إذا ما كانت الضحية بنت أو ولد؟
بشكل عام، وبالرغم من محدودية المعطيات، تسلط الدراسة الضوء على كون الفتيات أكثر عرضة لأن يكن ضحايا غير
مرئيات للعنف. حيث يعانين إلى حد كبير من أشكال العنف مثل: زواج الأطفال أو الاستغلال كخادمات في المنازل
بالإضافة إلى ذلك، فهن أكثر عرضة للعنف الجنسي، سواء في الأماكن العامة، في المحيط المدرسي، على الشبكات
الاجتماعية أو حتى داخل الأسرة. أما بالنسبة للفتيان، فتسلط الدراسة الضوء على أن تعرضهم للعنف لا يزال يتسم
بمستوى عالٍ من التسامح مع العنف الجسدي تجاههم. وهذا يعتبر أحيانا علامة للتربية الجيدة، سواء من جانب الآباء
والمربيين
لا يتشكل هذا العنف فقط نتيجة للصور النمطية المبنية على النوع الشائعة في المجتمع، لكن يساهم أيضا في ضمان
احترام هيمنتها. إذ ابتداء من فترة المراهقة يواجه كلا الجنسين سلسلة من الانتظارات التي تحد من تحقيق رفاهيتهم،
مع إعطاء ثقل أكبر لعذرية البنات وقمع حياتهن الجنسية عن طريق مراقبة تحركاتهن، ولباسهن وفضاءات تنشئتهن
الاجتماعية وهواياتهن. علاوة على ذلك، تبين الدراسة أن الفتيات والأولاد الذين يخرجون عن معايير الأنوثة والذكورة
المحددة من المجتمع يكونون أكثر عرضة للعنف في شكل عقاب اجتماعي.
إن آثار العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي تتعرض له الطفولة، سواء كان مباشرا أو غير مباشر، لها تأثير مدى
الحياة باعتبار الامكانية الكبيرة لإعادة انتاج سلوكيات نابعة من الصور النمطية للأنوثة والذكورة خلال سن الرشد (على
2
سبيل المثال، دور المعتدي للأولاد ودور الضحية للبنات). انطلاقا من هذه الاستنتاج، يبدو أن قضايا النوع الاجتماعي
ليست مدمجة كفاية في الاجابات التي تحملها السياسات العمومية لمحاربة العنف ضد الأطفال. لهذا، فان الترافع مهم جدا
من أجل تحقيق الصلة بين سياسات النوع الاجتماعي والإجابات المبلورة لمواجهة ظاهرة العنف تجاه الأطفال
بالإضافة الى ذلك، تؤكد الدراسة على محدودية قدرة تدخل مؤسسات رعاية الطفولة، وخصوصا على ضعف تطوير
الآليات المحلية التي تعتبر أساسية لتعزيز التنسيق بين الفاعلين ولتحقيق الجودة التقنية في الإجابة عن العنف ضد الأطفال
تماشيا مع الإطار المحدد في السياسة العمومية المدمجة لحماية الطفولة بالمغرب PPIPEM التي تم بدء العمل بها في سنة
- علاوة على ذلك، وإضافة الى محدودية قدراتهم المادية والتقنية، فان العديد من فاعلي المجتمع المدني الذين
يشتغلون في مجال حماية الطفولة، لديهم نقص معرفي حول التحديات المتعلقة بالأخذ بعين الاعتبار النوع الاجتماعي في
تدخلاتهم
مكنت الدراسة من استخلاص مجموعة من التوصيات العملية التي تهدف لإدماج مقاربة النوع في مختلف
المستويات من أجل المساهمة في ضمان حياة بدون عنف لدى البنات والأولاد في المملكة.
تهدف التوصيات على المستويين القانوني والسياسي الى:
o ادماج تدابير تهدف لتقليص الفوارق بين الجنسين في إطار قانوني يتطرق بشكل عام لحقوق الأطفال (مثال
قانون الأطفال كما هو مذكور في السياسة العمومية (PPIPEM
o مواءمة التشريعات الوطنية مع الالتزامات الدولية للمغرب لتفادي جميع أشكال التمييز المبنية على الجنس :
– المصادقة على اتفاقية لانزروت LANZAROTE حول حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي؛
– الحرص على تطبيق القانون 19-12 حول التشغيل المنزلي؛
– حظر زواج الأطفال بشكل كلي يمنع الاستثناء؛
– عدم تجريم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج (عواقب غير مباشرة على أطفال الأمهات العازبات)؛
– ضمان التوزيع العادل للإرث؛
– توسيع مفهوم الاغتصاب كشكل من أشكال الاعتداء الجنسي الذي يرتكبه كلا الجنسين ضد كلا الجنسين؛
– تشديد العقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي فيما يخص العنف الجنسي المرتكب على الأطفال؛
– عدم تجريم أفعال الضحايا / الناجون والناجيات من الاستغلال الجنسي، خاصة في حالة الاستغلال الجنسي
لأغراض البغاء؛
– العمل على ملائمة قانون المسطرة الجنائية مع المبادئ العامة للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، ولا سيما المصلحة
الفضلى للطفل؛
– توضيح اجراءات التبليغ فيما يخص حالات العنف المرتكب عبر الانترنيت.
فيما يتعلق بالحماية، يجب التأكد من أن تعريف الطفل في حالة صعبة لا يستبعد الأطفال الذين يزيد سنهم عن 16
سنة
o تخصيص الموارد الضرورية لتنفيذ القوانين والسياسات العمومية المتعلقة بالطفولة، خصوصا التي تضمن وقاية
الأطفال من العنف القائم على النوع الاجتماعي في إطار تفعيل السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة بالمغرب
PPIPEM من خلال الآليات المحلية لحماية الطفولة.
3
o وضع نظام لتتبع برنامج تنفيذ السياسة العمومية PPIPEM
o مأسسة وتوحيد مسار التكفل بالأطفال الضحايا/ الناجون من العنف القائم على النوع بما في ذلك التكفل النفسي، وذلك
على المستوى الوطني
o تعزيز دور المدرسة في حماية الأطفال من جميع أشكال العنف. لهذا الغرض من المهم أن يتم:
– تكوين المدرسين والمدرسات وجل الطاقم التربوي حول حقوق الأطفال والعنف تجاه الأطفال وكذا الفوارق القائمة على
النوع الاجتماعي وحول أشكال التدريس غير العنيفة؛
– إحداث مكان للمساعدة الاجتماعية داخل المدرسة من أجل الأطفال الضحايا / الناجين من العنف، حيث يمكن للطفل
الاستفادة من الاستماع وطلب المساعدة
– من أجل قيام المدرسة بدور الوقاية والحماية من العنف تجاه الأطفال، من الضروري توفير مساعدات ومساعدون
اجتماعيون وأخصائيات وأخصائيون نفسيون في المراكز التربوية حيث أن هذا يمكن من ضمان تتبع دقيق لوضعية كل
تلميذ/ة؛
– ادراج ونشر المعلومات المتعلقة بالنوع الاجتماعي وبالتربية العاطفية والجنسية بالفضاء المدرسي وضمان المساواة في
التعليم فيما يتعلق بالجنس
o القيام بالترافع لتقليص الفوارق والعنف ضد النساء والأطفال من خلال إنشاء فضاء للتشاور والتنسيق يجمع بين منظمات
المجتمع المدني المتخصصة في قضية حقوق الطفل والدفاع عن حقوق المرأة والمؤسسات العمومية المعنية.
فيما يخص الوقاية والتحسيس حول العنف القائم على النوع تجاه الأطفال تهدف التوصيات إلى:
o إعطاء اهتمام خاص للأسر المكونة من الأمهات العازبات، الأرامل، المطلقات (بعض الحالات في وضعية
هشاشة) في إطار سياسات الحماية الاجتماعية ودعم الأسرة بهدف مكافحة الفقر والحد من عدم المساواة بين
الجنسين (مع مراعاة الخصوصيات المختلفة لكل أسرة).
o تنظيم حملات التحسيس والوقاية لفائدة عموم الناس وعلى مستوى المجتمع المحلي بشأن العنف القائم على
النوع، بهدف الحد من التسامح تجاه بعض أنواع العنف وذلك من أجل إحداث تغيير في المواقف والسلوكات
o دعم وتنمية نماذج الأبوة الإيجابية من خلال تفعيل دور جمعيات الآباء والأمهات، وليس من الضروري فقط
تعزيز المشاركة الثنائية للآباء والأمهات في هذا المسار، بل من الضروري أيضًا تكوين الآباء والأمهات حول
العنف تجاه الأطفال، بما في ذلك العنف الرقمي (السيبراني).
بذل جهد خاص لرفع مستوى الوعي بين الأولاد للعمل على الذكورية الإيجابية وتعريف جميع الأطفال (البنات
والأولاد) بنماذج أخرى من الذكورة
تعزيز تمكين الأطفال من خلال :
– التوعية حول الجسد، حول الحقوق، وأيضا مبدأ اللاعنف من خلال ورشات عمل تستهدف الإناث والذكور
حول حقوق الأطفال والنوع (تعزيز مستوى وعيهم، المساهمة في منع العنف، تبني سلوكيات الحماية الذاتية
والحد من مخاطر إعادة إنتاج السلوك العنيف)
– مشاركة الأطفال واليافعين في إعداد هذه الحملات أمر ضروري لإنجاح وتطوير المبادرات.
– حملات تحسيسية حول الحماية الذاتية (الإناث والذكور)
4
o تقوية قدرات وسائل الإعلام من أجل المساهمة في حماية الأطفال من كافة أنواع العنف وتغيير العقليات من خلال بث
مستمر لمعلومات حول الموضوع، مع احترام حق الحياة الخاصة للطفل.
فيما يتعلق بحماية الأطفال :
o تفعيل بروتوكولات التكفل التي تدمج مقاربة النوع، وتحد من إعادة إيذاء الأطفال، على سبيل المثال عن طريق تجنب
التصريحات المتكررة من قبل الأطفال مع ضمان السرية أثناء التبليغ (يجب أن يحدد البروتوكول أيضًا دور الجهات
الفاعلة في خدمات حماية الطفل والتنسيق خلال مسار التكفل)
ضمان تتبع خاص على مستوى القضاء، مع تحقيق عقاب جزري ومناسب لكل ما ترتب عن الجرم.
تعزيز الطاقة الاستيعابية للإيواء المؤقت والطارئ للأطفال الضحايا / الناجين من العنف، ولا سيما من خلال إيجاد بدائل
لإيداع الأطفال في مؤسسات الحماية
دعم إعادة التأهيل (النفسي والاجتماعي والقانوني) للأطفال ضحايا العنف وأسرهم طوال مسار التكفل
تعزيز قدرات المراكز التعليمية كأماكن رئيسية للكشف والتبليغ عن العنف القائم على النوع تجاه الأطفال، مع الموافقة
على بروتوكول التدخل داخل المدارس
دعم قدرات المتدخلين في مسار التكفل بالطفل حول: حقوق الأطفال، النوع الاجتماعي وطرق التدخل. إن معالجة قضية
عدم المساواة المبنية على النوع ستفيد بشكل خاص في تجنب الإيذاء المتكرر، وإلقاء اللوم على الطفل الضحية / الناجي
o تكييف آليات التبليغ بحيث تكون في متناول جميع الأطفال: على سبيل المثال، توحيد رقم المرصد الوطني لحقوق الطفل
2511 لكل شركات الاتصال ونشره على نطاق واسع حتى يصبح متاحا للجميع.
أخيرًا، فيما يتعلق بنظام المعلومات، تنص التوصيات على الإعداد والنشر على المستوى الوطني:o إحصاءات حول العنف تجاه الأطفال
o مؤشرات موحدة في مجال حماية الطفولة ومفاهيم منسجمة تتعلق بالعنف تجاه الأطفال
o للقيام بذلك، يجب أن يكون موضوع العنف تجاه الأطفال جزءًا لا يتجزأ من الأبحاث الاستقصائية التي تنجزها المندوبية
السامية للتخطيط