ساهمت حالة الانفراج السياسي التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة في خلق وعي حقوقي عند شريحة هامة من الشباب، بالرغم ما تعيشه من توترات وتأرجح صعودا وهبوطا، ومدا وجزرا ، وشدا وجذبا بين الأجهزة الحكومية وجمعيات ومنظمات ناشطة في مجال الحقوق والحريات الأساسية، وهذا ما يضع هذه الجمعيات والمنظمات أمام أنساق وأشكال جديدة من العمل والنشاط الحقوقي، الأمر الذي أصبح مطلوب معه استخدام أدوات ومقاربات ومنهجيات جديدة في التعامل مع مجموعة من القضايا القائمة أو العالقة أو المستحدثة بفعل مجموعة من التراكمات السلبية عن سنوات الرصاص والتضييق على الحريات، وبفعل تأثيرات السياقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية محليا وإقليميا ودوليا
ومطلب التجديد في الأدوات والمنهجيات والمقاربات كان ولا يزال حاضرا في عمق النقاشات بين جمعيات ومنظمات الناشطة في مجال الحقوق والحريات الأساسية، وكذا لدى الباحثين والمهتمين في هذا المجال، مما فتح وأتاح تناول وطرح مجموعة من القضايا الإشكالية التي أضحت تستدعي التفكير المتجدد، والتحليل الدقيق، والاقتراح المبدع من طرف الجميع في التعاطي مع هذه القضايا، ومن أبرزها البحث عن التدابير التي يمكن الركون إليها في بناء وتعزيز قدرات الموارد البشرية الحقوقية في الجمعيات والمنظمات الناشطة في مجال الحقوق والحريات الأساسية وتطوير أدائها، خاصة المتعلقة بفئة نشطائها الجمعويين
وإذا كانت فئة النشطاء الأداة التي استطاعت بواسطتها التنظيمات الجمعوية الحقوقية في السنوات السابقة من تحقيق بعض المكاسب المهمة وعلى رأسها التأسيس لمسلسل المصالحة والانتقال الديمقراطي في البلاد، فإنها في نفس الوقت، لا زالت الأداة القادرة أيضا اليوم، وفي المستقبل، على انجاز ما يطالب به الإنسان المغربي، في كل أبعاده الجغرافية والفئوية والقطاعية
“بقلم /محمد ناعم“